ثم ذكر سبحانه المتقين وأمر بتقديمهم وتقريبهم، فقال: * (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) * يعبدونه * (بالغدوة والعشي يريدون وجهه) * يطلبون ثوابه ويبتغون مرضاته، والوجه يعبر به عن ذات الشئ وحقيقته.
روي: أن رؤساء قريش قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): لو طردت هؤلاء الأعبد - يعنون فقراء المؤمنين - جلسنا إليك، فقال (عليه السلام): ما أنا بطارد المؤمنين، قالوا:
فأقمهم عنا إذا جئنا، قال: نعم، طمعا في إيمانهم فأنزل الله عليه هذه الآية (1).
* (ما عليك من حسابهم من شئ) * كقوله: * (إن حسابهم إلا على ربى) * (2)، وذلك أنهم طعنوا في دينهم وإخلاصهم، والمعنى: ولو كان الأمر كما يقولون عند الله فما عليك إلا اعتبار الظاهر، وإن كان باطنهم غير مرضي فحسابهم عليهم لا يتعداهم إليك كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم، كقوله: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * (3)، وقيل: إن الضمير للمشركين (4) والمعنى: لا يؤاخذون بحسابك ولا أنت تؤاخذ بحسابهم حتى يهمك إيمانهم ويجرك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين، وقوله: * (فتطردهم) * جواب النفي و * (فتكون) * جواب النهي، ويجوز أن يكون عطفا على * (فتطردهم) * على وجه التسبيب، لأن كونه ظالما مسبب عن طردهم (5)، وقرئ: " بالغدوة والعشي " (6) (7).