تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٦٨
* (ما فرطنا) * ما تركنا * (في الكتاب) * أي: في اللوح المحفوظ * (من شئ) * من ذلك لم نكتبه ولم نثبت ما وجب إثباته مما يختص به، وقيل: المراد بالكتاب القرآن لأنه تعالى ذكر فيه جميع ما يحتاج إليه من أمور الدين والدنيا إما مجملا وإما مفصلا (1) * (ثم إلى ربهم يحشرون) * (2) يعني الأمم كلها فيعوضها وينتصف لبعضها من بعض، وفيه دلالة على عظم قدرته ولطف تدبيره في الخلائق المختلفة الأجناس وحفظه لما لها وعليها، وأن المكلفين لم يختصوا بذلك دون من سواهم.
ولما ذكر من خلائقه ما يشهد لربوبيته قال: * (والذين كذبوا بآياتنا صم) * أي: صم لا يسمعون كلام المنبه * (وبكم) * لا ينطقون بالحق، خابطون في ظلمات الكفر، فهم غافلون عن تأمل ذلك * (من يشأ الله يضلله) * أي: يخذله ولا يلطف به، لأنه ليس من أهله * (ومن يشأ يجعله على صرا ط مستقيم) * أي: يلطف به لأنه من أهله.
سورة الأنعام / 40 - 42 * (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون

(١) وهو قول النحاس في اعراب القرآن: ج ٢ ص ٦٦، واختاره الجبائي كما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج ٤ ص ١٢٩.
(2) قال شيخ الطائفة (قدس سره): واستدل قوم من التناسخية بهذه الآية على أن البهائم والطيور مكلفة لأنه قال: * (أمم أمثالكم) *، وهذا باطل، لأنا قد بينا من أي وجه قال: إنها * (أمم أمثالكم) *، ولو وجب حملها على العموم لوجب أن تكون أمثالنا في كونها ناسا وفي مثل صورنا وأخلاقنا. فمتى قالوا: لم يقل أمثالنا في كل شئ، قلنا: وكذلك الامتحان والتكليف، على أنهم مقرون بأن الأطفال غير مكلفين ولا ممتحنين فما يحملون به امتحان الصبيان بعينه نحمل بمثله امتحان البهائم، وكيف يصح تكليف البهائم والطيور وهي غير عاقلة؟ والتكليف لا يصح إلا لعاقل، على أن الصبيان أعقل من البهائم ومع هذا فليسوا مكلفين فكيف يصح تكليف البهائم؟!
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»