تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤١٠
بصيرا (58) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنزعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) * (59) قيل: إن الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة من أمانات الله التي هي أوامره ونواهيه، وأمانات عباده فيما يأتمن بعضهم بعضا فيه (1)، وقيل: الخطاب لولاة الأمر أمرهم الله بأداء * (الامنت) * والحكم * (بالعدل) * ثم أمر الرعية في الآية الأخرى بأن يسمعوا لهم ويطيعوا، ثم أكد ذلك بقوله: * (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) * (2)، وروي عنهم (عليهم السلام): أنه أمر لكل واحد من الأئمة أن يسلم الأمر إلى ولي الأمر بعده، وقالوا: " إن الآية الأولى لنا والآية الأخرى لكم " (3).
وقوله: * (نعما) * أي: نعم شيئا * (يعظكم به) * فتكون " ما " نكرة منصوبة موصوفة ب‍ * (يعظكم به) *، أو نعم الشئ الذي يعظكم به فتكون " ما " مرفوعة موصولة والمخصوص بالمدح محذوف، أي: نعما يعظكم به ذاك وهو المأمور به من أداء الأمانات والحكم بالعدل (4).
سورة النساء / 59 * (وأولي الأمر) * هم أمراء الحق وأئمة الهدى الذين يهدون الخلق ويقضون بالحق، لأنه لا يعطف على الله ورسوله في وجوب الطاعة ولا يقرن بهما في ذلك إلا من هو معصوم مأمون منه القبيح أفضل ممن أمر بطاعته وأعلم، ولا يأمرنا الله عز اسمه بالطاعة لمن يعصيه ولا بالانقياد لوال علة حاجتنا إليه موجودة فيه * (فإن

(١) قاله الزمخشري في كشافه: ج ١ ص ٥٢٣.
(٢) قاله زيد بن أسلم ومكحول وشهر بن حوشب، وهو اختيار الجبائي، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام). راجع التبيان: ج ٣ ص ٢٣٤.
(٣) التبيان: ج ٣ ص ٢٣٤، وفيه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).
(4) راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 523.
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»