تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٧١
الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) * (19) شبه سبحانه دلالته على وحدانيته بالأفعال التي لا يقدر عليها غيره، والآيات الناطقة بتوحيده مثل سورة الإخلاص وآية الكرسي وغيرهما بشهادة الشاهد في البيان والكشف، وكذلك إقرار الملائكة وأولي العلم بذلك * (قائما بالقسط) * مقيما للعدل فيما يقسم للعباد من الآجال والأرزاق، وفيما يأمر به عباده من الإنصاف والعمل على السوية فيما بينهم، وانتصابه على أنه حال مؤكدة من اسم الله، كقوله:
* (وهو الحق مصدقا) * (1)، وقوله: * (إن الدين عند الله الأسلم) * جملة مستأنفة مؤكدة للجملة الأولى، والفائدة فيه أن قوله: * (لا إله إلا هو) * توحيد، وقوله: * (قائما بالقسط) * تعديل، فإذا أتبعه قوله: * (إن الدين عند الله الأسلم) * فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد وهو الدين عند الله وما عداه فليس من الدين، وقرئ: " أن الدين " بالفتح (2) على أنه بدل من الأول، كأنه قال: شهد الله أن الدين عند الله الإسلام، و * (الذين أوتوا الكتاب) * هم اليهود والنصارى، واختلافهم أنهم تركوا الإسلام * (من بعد ما جاءهم العلم) * أنه الحق، فثلثت النصارى وقالت اليهود: * (عزير ابن الله) * (3)، واختلف الفريقان في نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وقد وجدوا نعته في كتبهم وجاءهم العلم بأنه رسول الله ونبيه * (بغيا بينهم) * أي: حسدا بينهم وطلبا منهم للرئاسة لا شبهة في الإسلام * (ومن يكفر

(١) البقرة: ٩١.
(٢) قرأه ابن عباس وابن عيسى الإصبهاني والكسائي وحكي عن ابن مسعود. انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ٢٠٢، والحجة لأبي علي الفارسي: ج ٢ ص ٣٤٩، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص ٧٨، والتبيان: ج ٢ ص ٤١٨، والبحر المحيط لأبي حيان: ج ٢ ص ٤٠٧.
(٣) التوبة: ٣٠.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»