تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٧٧
الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) * (177) الخطاب لأهل الكتاب، لأن اليهود كانت تصلي قبل المغرب إلى بيت المقدس والنصارى قبل المشرق، وذلك أنهم أكثروا الخوض في أمر القبلة حين حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة، وزعم كل واحد من الفريقين: أن البر التوجه إلى قبلته، فرد عليهم وقيل لهم: * (ليس البر) * فيما أنتم عليه لأنه منسوخ، وقيل: كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في أمر القبلة فقيل: ليس كل البر أمر القبلة * (ولكن البر) * الذي يجب صرف الهمة إليه بر * (من آمن) * وقام بهذه الأعمال (1)، والبر:
اسم لكل فعل مرضي، وقرئ: * (البر) * بالنصب على أنه خبر مقدم * (ولكن البر من آمن) * على تأويل حذف المضاف، أي: بر من آمن، أو يكون البر بمعنى: ذي البر، أو يكون البر بمعنى: البار كما قال:
فإنما هي إقبال وإدبار (2) وقال المبرد (3): لو كنت ممن يقرأ القرآن لقرأت: ولكن البر بفتح الباء (4).

(١) قاله قتادة ومقاتل بن حيان. راجع تفسير البغوي: ج ١ ص ١٤٢.
(٢) البيت للخنساء ترثي أخاها صخرا وصدره: ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت. راجع ديوانها ص ٤٨، والكامل للمبرد: ج ١ ص ٣٧٤، و ج ٣ ص ١٣٥٦ و ١٤١٢، والمقتضب: ج ٣ ص ٢٣٠، و ج ٤ ص ٣٠٥.
(٣) هو محمد بن يزيد المعروف ب‍ " المبرد "، إمام نحاة البصرة في عصره، وإليه انتهى علم العربية بعد طبقة الجرمي والمازني، ولد بالبصرة سنة ٢١٠ ه‍، وطلب العلم صغيرا، وتلقى على أعلام البصرة النحو واللغة والتصريف، ظل بالبصرة حتى سنة ٢٤٦ ه‍، ففي هذه السنة ورد " سر من رأى " بطلب من المتوكل، فحضر مجلسه ونال عطاياه، ولما قتل المتوكل سنة ٢٤٧ ه‍. رحل إلى بغداد وتوفي فيها سنة ٢٨٥ ه‍. (سير النبلاء للذهبي: ج ٩ ص ١٣٦، وطبقات النحاة للسيرافي: ص ٢٠٤، ومختصر طبقات النحاة للزبيدي: ص ٦٠٧ - ٦٠٩، وفهرست المؤلفين: ج ١٢ ص ١١٤، وتاريخ بغداد: ج ٣ ص ٣٨٠ - 387، ومروج الذهب:
ج 8 ص 190).
(4) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 218.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»