____________________
نفسي - وقوله " فبما يوحى إلى ربي " وإنما كان يستقيم أن يقال: فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فإنما أهتدي لها كقوله تعالى - من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها - فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها - أو يقال: فإنما أضل بنفسي. قلت: هما متقابلان من جهة المعنى لان النفس كل ما عليها فهو بها: أعني أن كل ما هو وبال عليها وضار لها فهو بها وبسببها لأنها الامارة بالسوء، وما لها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه، وهذا حكم عام لكل مكلف، وإنما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسنده إلى نفسه لان الرسول إذا دخل تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به (إنه سميع قريب) يدرك قول كل ضال ومعتد وفعله لا يخفى عليه منهما شئ (ولو ترى) جوابه محذوف: يعني لرأيت أمرا عظيما وحالا هائله، ولو وإذ والافعال التي هي فزعوا وأخذوا وحيل بينهم كلها للمضي، والمراد بها الاستقبال لان ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه. ووقت الفزع: وقت البعث وقيام الساعة، وقيل وقت الموت، وقيل يوم بدر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في خسف البيداء، وذلك أن ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخربوها، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم (فلا فوت) فلا يفوتون الله ولا يسبقونه. وقرئ فلا فوت. والاخذ من مكان قريب من الموقف إلى النار إذا بعثوا، أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا، أو من صحراء بدر إلى القليب، أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم. فإن قلت: علام عطف قوله وأخذوا؟ قلت: فيه وجهان العطف على فزعوا: أي فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم، أو على لا فوت على معنى إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا. وقرئ وأخذ وهو معطوف على محل لا فوت، ومعناه: فلا فوت هناك وهناك أخذ (آمنا به) بمحمد صلى الله عله وسلم لمرور ذكره في قوله - ما بصاحبكم من جنة - والتناوش والتناول أخوان، إلا أن التناوش تناول سهل لشئ قريب، يقال ناشه ينوشه وتناوشه القوم، ويقال تناوشوا في الحرب ناش بعضهم بعضا، وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا، مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشئ من غلوة كما يتناوله الاخر من قيس ذراع تناولا سهلا لا تعب فيه.
وقرئ التناؤش همزت الواو المضمومة كما همزت في أجوه وأدؤر. وعن أبي عمرو: التناؤش بالهمز التناول من بعد من قولهم نأشت إذا أبطأت وتأخرت، ومنه البيت * تمنى نئيشا أن يكون أطاعني * أي أخيرا (ويقذفون) معطوف على قدر كفروا على حكاية الحال الماضية: يعني وكانوا يتكلمون (بالغيب) ويأتون به (من مكان بعيد) وهو قولهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاعر ساحر كذاب، وهذا تكلم بالغيب والامر الخفي لانهم لم يشاهدوا منه سحرا ولا شعرا ولا كذبا، وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة من حاله، لان أبعد شئ مما جاء به الشعر والسحر وأبعد شئ من عادته التي عرفت بينهم وجربت الكذب والزور. وقرئ ويقذفون بالغيب على البناء للمفعول: أي يأتيهم به شياطينهم ويلقنونهم إياه، وإن شئت فعلقه بقوله - وقالوا آمنا به - على أنه مثلهم في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الايمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة، وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان
وقرئ التناؤش همزت الواو المضمومة كما همزت في أجوه وأدؤر. وعن أبي عمرو: التناؤش بالهمز التناول من بعد من قولهم نأشت إذا أبطأت وتأخرت، ومنه البيت * تمنى نئيشا أن يكون أطاعني * أي أخيرا (ويقذفون) معطوف على قدر كفروا على حكاية الحال الماضية: يعني وكانوا يتكلمون (بالغيب) ويأتون به (من مكان بعيد) وهو قولهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاعر ساحر كذاب، وهذا تكلم بالغيب والامر الخفي لانهم لم يشاهدوا منه سحرا ولا شعرا ولا كذبا، وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة من حاله، لان أبعد شئ مما جاء به الشعر والسحر وأبعد شئ من عادته التي عرفت بينهم وجربت الكذب والزور. وقرئ ويقذفون بالغيب على البناء للمفعول: أي يأتيهم به شياطينهم ويلقنونهم إياه، وإن شئت فعلقه بقوله - وقالوا آمنا به - على أنه مثلهم في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الايمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة، وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان