داحضة " لان ما ذكروه لا يمنع من صحة نبوة نبينا بأن ينسخ الله كتابهم وما شرعه النبي الذي كان قبله.
والثاني - معناه من بعد ما استجيب للنبي دعاءه بالمعجزات التي أجاب الله تعالى دعاءه في إقامتها له. قال الجبائي: أجاب الله تعالى دعاءه في كفار بدر حتى قتلهم الله بأيدي المؤمنين، وأجاب دعاءه عليهم بمكة وعلى مضر من القحط والشدائد التي نزلت بهم، وما دعا به من إنجاء الله المستضعفين من أيدي قريش فأنجاهم الله وخلصهم من أيديهم وغير ذلك مما يكثر تعداده، فقال الله تعالى " حجتهم داحضة عند ربهم " وهي شبهة، وإنما سماها حجة - على اعتقادهم - فلشبهها بالحجة أجرى عليها اسمها من غير اطلاق الصفة بها، و (داحضة) معناه باطلة " عند ربهم وعليهم غضب من الله " أي لعن واستحقاق عقاب والاخبار به عاجلا " ولهم " مع ذلك " عذاب شديد " يوم القيامة.
وقوله تعالى " الله الذي انزل الكتاب " يعني القرآن " بالحق والميزان " فقوله " بالحق " فيه دلالة على بطلان مذهب المجبرة: بأن الله أنزله ليكفروا به وأراد منهم الضلال والعمل بالباطل. وانزل " الميزان " يعني العدل، لان الميزان إظهار التسوية من خلافها في ما للعباد إليه الحاجة في المعاملة أو التفاضل ومثل الموازنة المعارضة والمقابلة والمقايسة، فالقرآن إذا قوبل بينه وبين ما يدعونه، وقويس بينهما ظهرت فضيلته، وبانت حجته، وعلمت دلالته، فلذلك وصفه بالميزان.
وقال مجاهد وقتادة: الميزان - ههنا - العدل. وقال الجبائي: انزل الله عليهم الميزان من السماء وعرفهم كيف يعملون به بالحق وكيف يزنون به. وقيل: إن الحق الذي انزل به الكتاب وصفه على عقد معتقده على ما هو به من ثقة. والحق قد يكون بمعنى حكم ومعنى امر أو نهي ومعنى وعد أو وعيد ومعنى دليل.