التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٥١
داعيا إلى الله، ودعاؤك يا محمد وأنث مثلهم بشر ومن قبيلتهم إنك نبي، وليس لهم ذلك، لان الله يجتبي لرسالته من يشاء على حسب ما يعلم من قيامه بأعباء الرسالة وتحمله لها، فاجتباك الله تعالى كما اجتبى موسى ومن قبلك من الأنبياء، ومعنى (يجتبى) يختار. وقوله (ويهدي إليه من ينيب) معناه ويهديه إلى طريق الثواب ويهدي المؤمنين الذين أنابوا إليه وأطاعوه. وقيل: يهديه إلى طريق الجنة والصواب بأن يلطف له في ذلك إذا علم أن له لطفا، ثم قال (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) ومعناه إن هؤلاء الكفار لم يختلفوا عليك إلا بعد أن اتاهم طريق العلم بصحة نبوتك، فعدلوا عن النظر فيه بغيا بينهم للحسد والعداوة والحرص على طلب الدنيا واتباع الهوى. وقيل: إن هؤلاء لم يختلفوا إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة، لكن فعلوا ذلك للبغي.
ثم قال (ولولا كلمة سبقت من ربك) بأن اخبر بأنه يبعثهم (إلى أجل مسمى) ذكر انه يبقيهم إليه لم يجز مخالفته، لأنه يصير كذبا (لقضي بينهم) أي لفصل بينهم الحكم وانزل عليهم ما يستحقونه من العذاب عاجلا. ثم قال (وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم) قال السدي: يعني اليهود والنصارى من بعد الذين أورثوا الكتاب الذي هو القرآن (لفي شك منه مريب) أي من الدين. وقال غيره: الذين أورثوا الكتاب من بعد اليهود والنصارى في شك من الدين مريب، وهم الذين كفروا بالقرآن وشكوا في صحته وانه من عند الله من سائر الكفار والمنافقين.
وقوله (فلذلك فادع واستقم) معناه فإلى ذلك فادع، كما قال (بأن ربك أوحى لها) (1) أي أوحى إليها يقال دعوته لذا وبذا وإلى ذا. وقيل:
(1) سورة 99 الزلزال آية 5
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست