التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٠
إذا وجدت ويبصر المبصرات إذا وجدت وذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به، وفائدة ذكره - ههنا - هو انه لما نفى أن يكون له شبه على وجه الحقيقة والمجاز، وعلى وجه من الوجوه بين انه مع ذلك سميع بصير، لئلا يتوهم نفي هذه الصفة له على الحقيقة فقط، فإنه لا مدحة في كونه مما لا مثل له على الانفراد، لان القدرة لا مثل لها، وإنما المدحة في أنه لا مثل له مع كونه سميعا بصيرا، وذلك يدل على التفرد الحقيقي.
وقوله (له مقاليد السماوات والأرض) معناه له مفاتيح الرزق منها بانزال المطر من السماء واستقامة الهواء فيها وابنات الثمار والأقوات من الأرض. ثم قال (يبسط الرزق لمن يشاء) أي يوسعه له (ويقدر) أي يضيق لمن يشاء ذلك على ما يعلمه من مصالحهم (إنه بكل شئ عليم) مما يصلحهم أو يفسدهم.
ثم خاطب تعالى خلقه فقال (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) معنى شرع بين وأظهر، وهو (الذي أوحينا إليك) يا محمد صلى الله عليه وآله وهو (ما وصينا به إبراهيم وموصى وعيسى) وسائر النبيين، وهو أنا أمرناهم بعبادة الله والشكر له على نعمه وطاعته في كل واجب وندب مع اجتناب كل قبيح، وفعل ما أمر به مما أدى إلى التمسك بهذه الأصول مما تختلف به شرائع الأنبياء.
ثم بين ذلك فقال (ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) وموضع (ان أقيموا) يحتمل ثلاثة أوجه من الاعراب:
أحدها - أن يكون نصبا بدلا من (ما) في (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا).
الثاني - أن يكون جرا بدلا من الهاء في (به).
الثالث - أن يكون رفعا على الاستئناف، وتقديره هو ان أقيموا الدين.
وقوله (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) معناه كبر عليهم واستعظموا كونك
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست