التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٨
الانسان لا يشاء الشئ إلا من طريق الحكمة أو الشهوة أو الحاجة في دفع ضرر ودفع الضرر لا يحتاج إليه في الجنة، وإرادة الحكمة تتبع التكليف، فلم يبق بعد ذلك إلا انهم يشاؤن ما يشتهون. وقوله " عند ربهم " يعني يوم القيامة الذي لا يملك فيه الأمر والنهي غيره، وليس يريد ب‍ " عند ربهم " من قرب المسافة، لان ذلك من صفات الأجسام.
ثم قال " ذلك " يعني الكون عند ربهم وأن لهم ما يشاؤن " هو الفضل الكبير " يعني الزيادة التي لا يوازيها شئ في كثرتها. ثم قال " ذلك " يعني ما تقدم ذكره مما يشاؤنه هو " الذي يبشر الله عباده " به ومن شدد الشين أراد التكثير، ومن خفف، فلانه يدل على القليل والكثير. وقيل: هما لغتان، وحكى الأخفش لغة ثالثة: أبشرته. ثم وصفهم فقال " الذين آمنوا " بالله وصدقوا رسله " وعملوا " الاعمال " الصالحات ".
ثم قال " قل " لهم يا محمد صلى الله عليه وآله " لا أسألكم عليه " أي على أدائي إليكم " أجرا " عن الرسالة، وما بعثني الله به من المصالح " إلا المودة في القربى " وقيل في هذا الاستثناء قولان:
أحدهما - إنه استثناء منقطع لان المودة في القربى ليس من الاجر ويكون التقدير لكن أذكركم المودة في قرابتي.
الثاني - إنه استثناء حقيقة ويكون أجرى المودة في القربى كأنه أجر، وإن لم يكن أجر واختلفوا في معنى " المودة في القربى " فقال علي بن الحسين عليهما السلام وسعيد ابن جبير وعمرو بن شعيب: معناه أن تودوا قرابتي، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وقال الحسن: معناه " إلا المودة في القربى " إلى الله تعالى والتودد بالعمل الصالح إليه. وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي والضحاك
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست