يقول الله تعالى " ان الذين يجادلون " أي يخاصمون " في " رفع " آيات الله " وابطالها " بغير سلطان " أي بغير حجة " اتاهم " أعطاهم الله إياها يتسلط بها على إنكار مذهب يخالف مذهبهم " إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه " أي ليس في صدورهم إلا كبر. قال مجاهد: معناه الا عظمة وجبرية ما هم ببالغي تلك العظمة، لان الله تعالى مذلهم. وقيل: معناه إلا كبر بحسدك على النبوة التي أكرمك الله بها (ما هم ببالغيه) لان الله يرفع بها من يشاء. وقيل، منعا إلا كبر ما هم ببالغي مقتضاه ولا نالوه لان الكبر إنما يعمله صاحبه لمقتضى ان يعظم حاله، وهؤلاء يصير حالهم إلى الاذلال والتحقير بكفرهم فلا يبلغون ما في صدورهم من مقتضي كبرهم. وقيل:
الآية نزلت في اليهود وان الكبر الذي ليس هم ببالغيه توقعهم امر الدجال، فاعلم الله تعالى ان هذه الفرقة التي تجادل ألا تبلغ خروج الدجال. فلذلك قال تعالى " فاستعذ بالله " ثم امر نبيه بأن يستعيذ بالله من شر هؤلاء المخاصمين " انه هو السميع البصير " ومعناه انه يسمع ما يقول هؤلاء الذين يخاصمون في دفع آيات الله بصير بما يضمرونه وفي ذلك تهديد لهم في ما يقدمون عليه. وقيل: فيه وعدله بكفاية شرهم.
ثم قال تعالى " لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس " معناه إن خلق السماوات والأرض على ما هما عليه من العظم والثقل مع وقوفهما من غير عمد وجريان الفلك والكواكب من غير سبب أعظم في النفس وأهول في الصدر من خلق الناس، وإن كان عظيما لما فيه من الحياة والحواس المهيأة لأنواع مختلفة من الادراكات إلا أن امر السماوات والأرض خارج عن مقتضى الطبيعة، أو أن يكون فاعلهما وخالقهما يجرى مجرى العباد في الجسمية، فهو أكبر شأنا من هذه الجهة " من لكن أكثر الناس لا يعلمون " لعدولهم عن الفكر فيه والاستدلال على