التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٩٧
لا في اللفظ. وفى ذلك توطئة لما بنى على المعنى من الايجاز. والعرب تقول: هل لك في خير تقدم إلى فلان، فتعوده وأن تقدم إليه.
وقوله (يغفر لكم ذنوبكم) أي متى فعلتم ذلك ستر عليكم ذنوبكم، وجزمه لأنه جواب (تؤمنون) لأنه في معنى آمنوا يغفر لكم. وقال الفراء: هو جواب (هل) وإنما جاز جزم (يغفر لكم) لأنه جواب الاستفهام. والمعنى هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم يعلمكم بها، فإنكم إن عملتم بها يغفر لكم ذنوبكم وكان أبو عمرو يدغم الراء في اللام في قوله (يغفر لكم) ولا يجوز ذلك عند الخليل وسيبويه، لان في الراء تكرار، ولذلك غلبت المستعلي في طارد. (ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار) عطف على قوله (يغفر لكم) فلذلك جزمه (خالدين فيها) أي مؤبدين (ومساكن طيبة) أي ولهم في الجنة مساكن طيبة مستلذة (في جنات عدن) أي في بساتين إقامة مؤبدة. ثم قال (ذلك الفوز العظيم) يعني الذي وصفه من النعيم هو الفلاح العظيم الذي لا يوازيه نعمة. وقيل: الفوز النجاة من الهلاك إلى النعيم.
وقوله (وأخرى تحبونها) معناه ولكم خصلة أخرى مع ثواب الآخرة (نصر من الله) في الدنيا عليهم (وفتح قريب) لبلادهم. ثم قال (وبشر المؤمنين) بذلك أي بما ذكرته من النعيم والنصر في الدنيا والفتح القريب.
ثم خاطب المؤمنين فقال (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله) ومعناه كونوا أنصار دين الله الذي هو الاسلام بأن تدفعوا أعداءه عنه وعن دينه الذي جاء به (كما قال عيسى بن مريم للحواريين) أي مثلكم مثل قول عيسى للحواريين، وهم خاصته، وسمي خاصة الأنبياء حواريين، لأنهم أخلصوا من كل عيب - في قول الزجاج - وقيل: سموا حواريين لبياض ثيابهم. وقال ابن عباس: كانوا صيادين
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 » »»
الفهرست