التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٩٤
تريد الليلة طلوع الهلال فتحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه.
وقوله (فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) قيل فيه قولان:
أحدهما - إن محمدا لما جاء كفار قومه بالبينات أي المعجزات، قالوا هذا سحر واضح بين.
وقال قوم: معناه فلما جاء عيسى قومه بالبينات والمعجزات قالوا له هذا القول. ومن نسب الحق إلى السحر فقد جرى في ذلك مجرى الجحد لنعم الله في أنه قد كفر، فإن كان دون ذلك كان جاهلا وفاسقا، لو لم يكفر. والسحر حيلة توهم امرا ليس له حقيقة كايهام انقلاب الحبل حية.
وقوله (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الاسلام) صورته صورة الاستفهام والمراد به التبكيت. ومعناه لا أحد أظلم لنفسه ممن افترى على الله الكذب وخرص عليه، وهو يدعى إلى الاسلام يعني الاستسلام لامره والانقياد لطاعته، وهو متوجه إلى كفار قريش وسائر في جميع الكفار.
ثم قال (والله لا يهدي القوم الظالمين) ومعناه لا يحكم بهداية القوم الظالمين الذين هم الكفار. وقيل: معناه لا يهدي الكفار إلى الثواب، لأنهم كفار ظالمون لأنفسهم بفعل الكفر والمعاصي التي يستحق بها العقاب، وكل كافر ظالم لأنه أضر نفسه بفعل معصية استحق بها العقاب من الله تعالى، فكفره ضرر قبيح.
ثم وصف الكافرين الذين عناهم بالآية فقال (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم) ومعناه إنهم يريدون إذهاب نور الاسلام والايمان بفاسد الكلام الذي يجرى مجرى تراكم الظلام. وقيل: معناه هم كمن أراد اطفاء نور الشمس بفيه.
وقوله (والله متم نوره ولو كره الكافرون) معناه إن الله يتم نور الاسلام ويبلغ غايته وإن كره ذلك الكفار الجاحدون لنعم الله.
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 » »»
الفهرست