من يقاتل في سبيله ويجاهد أعداء دينه ويزيد ثوابهم ومنافعهم. وقوله " صفا " أي يقاتلونهم مصطفين، وهو مصدر في موضع الحال. وقوله " كأنهم بنيان مرصوص " قيل في معناه قولان:
أحدهما - كأنه بني بالرصاص لتلاؤمه ولشدة اتصاله.
الثاني - كأنه حائط ممدود على رص البناء أي احكامه واتصاله واستقامته والمرصوص المتلائم الذي لا خلل فيه ومثل مرصوص شديد اللصوق في الاتصال والثبوت ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله وأذكر " إذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم، لأنه مع العلم بنبوته لا يجوز إيذاءه، وكانوا يؤذونه، فيقولون: هذا ساحر كذاب، ويرمونه بالبرص وغير ذلك. وقوله " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " فالزيغ الذهاب عن الشئ باسراع فيه والأظهر فيه الذهاب عن الحق، والمعنى إنهم لما ذهبوا عن طريق الحق، ومالوا إلى طريق الباطل " أزاغ الله قلوبهم " بمعنى انه حكم عليها بالزيغ والميل عن الحق، ولذلك قال " والله لا يهدى القوم الفاسقين " ومعناه لا يحكم لهم بالهداية. وقيل: معناه فلما زاغوا عن الايمان أزاغ الله قلوبهم عن الثواب، ولا يجوز أن يكون المراد أزاغ الله قلوبهم عن الايمان لان الله لا يزيغ أحدا ولا يضله عن الايمان، وأيضا فإنه لا فائدة في الكلام على ما قالوه، لأنهم إذا زاغوا عن الايمان فقد حصلوا كفارا، فلا معنى لقوله أزاغ الله قوله تعالى:
(وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التورية ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين (6)