وقوله " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون " قال الحسن: نزلت في المنافقين، يقول الله لهم " لم تقولون " بألسنتكم مالا تفعلونه، فسماهم بالايمان على الظاهر. وقيل: نزلت في قوم كانوا يقولون إذا لقينا العدو لم نفر، ولم نرجع عنهم ثم لم يفوا بما قالوا، وقال قتادة: نزلت في قوم: قالوا: جاهدنا وأبلينا ولم يفعلوا.
وقال ابن عباس ومجاهد: نزلت في قوم قالوا: لو علمنا أحب الاعمال إلى الله لسارعنا إليها، فلما نزل فرض الجهاد تثاقلوا عنه، فبين الله ذلك. وقال قوم: هو جار مجرى قوله " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " (1) فان القول الذي يجب الوفاء به هو القول الذي يعتقد بفعل البر على طريق الوعد من غير طلب.
وقوله " كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون " إنما اطلق ذلك مع أنه ليس كل قول يجب الوفاء به. لأنه معلوم انه لا عيب بترك الوفاء فيما ليس بواجب الوفاء به، وإن الذم إنما يستحق بترك ما هو واجب أو ما أوجبه الانسان على نفسه بالنذر والعهد. والمقت البغض وهو ضد الحب، وهو على ضربين: أحدهما - يصرف عنه العقل. والآخر - يصرف عنه الطبع إلا أنه جرى على صيغة واحدة للبيان أن صارف العقل في التأكيد كصارف الطبع، كما أنه في الحب على داعي العقل أو داعي الطبع، وحذف الألف من " لم تقولون " لشدة الاتصال، ووضع حرف الاعتلال، لأنه حرف تغيير في موضع تغيير.
وقوله " مقتا " نصب على التمييز، وتقديره: كبر هذا القول أي عظم مقتا عند الله، وهو أن تقولوا مالا تفعلون. ويحتمل أن يكون تقديره كبر ان تقولوا مالا تفعلون مقتا عند الله.
قوله " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا " معناه إنه تعالى يحب