التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٨٠
والبغضاء ابدا) لا يكون بيننا وبينكم موالاة في الدين (حتى تؤمنوا بالله وحده) أي حتى تصدقوا بوحدانيته وإخلاص العبادة له.
وقوله (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) استثناء لقول إبراهيم لأبيه:
لأستغفرن أي فلا تقتدوا به فيه. فان إبراهيم عليه السلام إنما استغفر لأبيه على (موعدة وعدها إياه) لان أباه كان وعده بالايمان، فوعده إبراهيم بالاستغفار، فلما اظهر له الايمان استغفر له إبراهيم في الظاهر (فلما تبين له انه عدو لله) وعرف ذلك من جهته (تبرأ منه) (1) قال الحسن: إنما تبين ذلك عند موت أبيه، ولو لم يستثن ذلك لظن إنه يجوز الاستغفار للكفار مطلقا من غير موعدة بالايمان منهم. وقيل:
إن الاستثناء راجع إلى قوله (وبدأ بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا) لأنه لما كان استغفار إبراهيم لأبيه مخالفا لما تضمنته هذه الجملة وجب استثناؤه وإلا توهم بظاهر الكلام انه عامل أباه من العداوة والبراءة بما عامل به غيره. وقال البلخي: هذا استثناء منقطع. ومعناه لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك كان لأجل موعدة أبيه بالايمان. ثم قال إبراهيم لأبيه (وما أملك لك من الله من شئ) إذا أراد عقابك، فلا يمكن دفع ذلك عنك.
وقوله (ربنا) أي يقولون ربن (عليك توكلنا) فالتوكل على الله تفويض الأمور إليه ثقة بحسن تدبيره في كل ما يدبره به (واليك أنبنا) أي رجعنا وتبنا إليك أي رجعنا إلى طاعتك (واليك المصير) معناه واليك مرجع كل شئ يوم القيامة، وقال أيضا وكانوا يقولون (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) ومعناه لا ترهم فينا ما يشمتون بجهلهم بنا. وقال مجاهد: معناه لا تعذبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك، فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا (واغفر لنا ذنوبنا

(1) سورة 9 التوبة آية 115
(٥٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 ... » »»
الفهرست