التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٩٠
شئ هم؟ وفيه تعجيب عن حالهم. وقيل: أصحاب اليمين هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم، وأصحاب الشمال الذين يأخذون كتبهم بشمالهم.
وقوله " والسابقون السابقون " معناه الذين سبقوا إلى اتباع الأنبياء فصاروا أئمة الهدى. وقيل: السابقون إلى طاعة الله السابقون إلى رحمته، والسابقون إلى الخير إنما كانوا أفضل لأنهم يقتدى بهم في الخير ويسبقوا إلى أعلى المراتب قبل من يجيئ بعدهم فلهذا تميزوا من التابعين بما لا يلحقونهم به ولو اجتهدوا كل الاجتهاد والسابقون الثاني يصلح أن يكون خبرا عن الأول، كأنه قال: والسابقون الأولون في الخير، ويصلح أن يكون " أولئك المقربون " وقوله " أولئك المقربون " معناه الذين قربوا من جزيل ثواب الله وعظيم كرامته بالامر الأكثر الذي لا يبلغه من دونهم في الفضل. والسابقون إلى الطاعات يقربون إلى رحمة الله في أعلا المراتب وأقربها إلى مجالس كرامته بما يظهر لأهل المعرفة منزلة صاحبه في جلالته ويصل بذلك السرور إلى قلبه، وإنما قال " في جنات النعيم " مع أنه معلوم من صفة المقربين، لئلا يتوهم أن التقريب يخرجهم إلى دار أخرى، وإنما هم مقربون من كرامة الله في الجنة لأنها درجات ومنازل بعضها أرفع من بعض. والفرق بين النعيم والنعمة أن النعمة تقتضي شكر المنعم من أنعم عليه نعمة وانعاما، والنعيم من نعم نعيما كقولك أنتفع انتفاعا.
وقوله " ثلة من الأولين " فالثلة الجماعة. وأصله القطعة من قولهم: ثل عرشه إذا قطع ملكه بهدم سريره. والثلة القطعة من الناس، وقال الزجاج: الثل القطع، والثلة كالفرقة والقطعة. وهو خبر ابتداء محذوف، وتقديره: هم ثلة من الأولين، وهم قليل من الآخرين. وقوله " وقليل من الآخرين " إنما قال ذلك لان الذين سبقوا إلى إجابة النبي صلى الله عليه وآله قليل من كثير ممن سبق إلى النبيين.
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست