التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٩٤
أي مثل هؤلاء الحور في البياض والنقاء مثل اللؤلؤ " المكنون " يعني الدر المصون عما يلحق به من دنس كأنه مأخوذ من أن الدرة تبقى على حسنها أكثر مما يبقى غيرها لطبعها وصيانة الناس لها قال عمر بن أبي ربيعة:
وهي زهراء مثل لؤلؤ الغواص * ميزت من جوهر مكنون " جزاء " أي يفعل ذلك بهم جزاء ومكافأة على ما عملوه في دار الدنيا من الطاعات واجتناب المعاصي ثم قال " لا يسمعون فيها لغوا " أي لا يسمع المثابون في الجنة لغوا يعنى مالا فائدة فيه من الكلام، لان كل ما يتكلمون به فيه فائدة (ولا تأثيما) ولا يجري فيها ما يؤثم فيه قائله من قبيح القول (إلا قيلا سلاما سلاما) يعني لكن يسمعون قول بعضهم لبعض على وجه التحية " سلاما سلاما " إنهم يتداعون بالسلام على حسن الآداب وكريم الأخلاق الذي يوجب التواد، لان طباعهم قد هذبت على أتم الكمال. ونصب (سلاما) على تقدير سلمك الله سلاما بدوام النعمة وحال الغبطة، وجاز ان يعمل فيه سلام، لأنه يدل عليه، كما يدل على قوله " والله أنبتكم من الأرض نباتا " (1) ويصلح أن يكون سلاما نعتا لقوله " قيلا " ويصلح أن ينتصب ب‍ (قيل) فالوجوه الثلاثة محتملة. وقيل " إلا قيلا سلاما سلاما " أي قولا يؤدي إلى السلامة.
قوله تعالى:
(وأصحاب اليمين * ما أصحاب اليمين (27) في سدر مخضود (28) وطلح منضود (29) وظل ممدود (30) وماء مسكوب (31) وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة (33) وفرش مرفوعة (34)

(1) سورة 71 نوح آية 17
(٤٩٤)
مفاتيح البحث: مكارم الأخلاق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»
الفهرست