التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٥٧
وقوله (ولقد راودوه عن ضيفه) إخبار منه تعالى بأن قوم لوط حاولوا ضيفه وراودوهم على الفساد، فالمراود المحاولة، فكأن قوم لوط طالبوه بأن يخلي بينهم وبين ضيفه لما يروته من الفاحشة. والضيف المنضم إلى غيره على طلب القرى، إذ كانوا أنوا لوطا على هذه الصفة إلى أن تبين أمرهم وانهم ملائكة الله أرسلهم لاهلاكهم وقوله (فطمسنا أعينهم) فالطمس محو الأثر بما يبطل معه إدراكه، طمس يطمس طمسا وطمس الكتاب تطميسا وطمست الريح الآثار إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب، قال كعب بن زهير:
من كل نضاخة الذفرى إذا عرفت * عرضتها طامس الاعلام مجهول (1) وقال الحسن وقتادة: عميت أبصارهم. وقال الضحاك: إنهم دخلوا البيت على لوط، فلما لم يروهم سألوا عنهم وانصرفوا.
وقوله (فذوقوا عذابي ونذر) معناه قالت لهم الملائكة ذوقوا عذاب الله ونذره أي وما خوفكم به من عذابه.
ثم قال تعالى (ولقد صبحهم) يعني قوم لوط (بكرة) نصبه على الظرف فإذا أردت بكرة يومك لم تصرفه. وإذا أردت بكرة من البكرات صرفته. ومثله غدوة وغدواة. وقوله (عذاب مستقر) أي استقر بهم حتى هلكوا جميعا. وقوله (فذوقوا عذابي ونذر) قيل: قالت لهم الملائكة ذلك. وقال قوم: القائل هو الله تعالى قال لهم في تلك الحال يعني عند طمس أعينهم. والائتفاك بهم ورميهم بالحجارة (ذوقوا عذابي ونذر. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) وقد فسرناه وبينا الوجه فيه.

(1) مر في 2 / 226 و 3 / 216.
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست