التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٥٥
أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر (36) ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر (37) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر (38) فذوقوا عذابي ونذر (39) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) (40) عشر آيات.
لما اخبر الله تعالى عن قوم صالح أنهم عقروا الناقة وأنه تعالى أهلكهم بين كيف أهلكهم فقال (إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة) وهي المرة من الصوت بشدة عظيمة هلكوا كلهم بها، يقال: صاح يصيح صياحا وصايحة ومصايحة وصيح به تصييحا وإنها صيحة تخلع القلوب وتهدم الأبدان لعظمها وقوله (فكانوا كهشيم المحتظر) أي صاروا كالهشيم، وهو المنقطع بالتكسير والترضيض، هشم أنفه يهشمه إذا كسره ومنه الهاشمة وهي شجة مخصوصة. والهشم - ههنا - يبس الشجر المتفتت الذي يجمعه صاحب الحظيرة و (المحتظر) المبتني حظيرة على بستانه أو غيره، تقول احتظر احتظارا، وهو من الحظر، وهو المنع من الفعل بحايط أو غيره، وقد يكون الحظر بالنهي. وقرأ بفتح الظاء وهو المكان الذي يحتظر فيه الهشيم. وقيل:
هشيم المحتظر قال الضحاك: هو الحظيرة تتخذ للغنم يبس فتصير رميما. وقيل:
الهشيم حشيش يابس متفتت يجمعه المحتظر لمواشيه. وقيل: الهشيم اليبس من الشجر أجمع الذي يفتت. وقوله (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) قد فسرناه وقال قتادة: فهل من طالب علم يتعلم؟ وفيها دلالة على بطلان قول المجبرة، لأنه ذكر انه يسر القرآن ليتذكر العباد به، ولو كان الامر على ما يقولون لكان ليتذكر القليل منهم دون سائرهم.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست