التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٣٠
فاعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى) (30) خمس آيات كوفي وأربع في ما عداه، عد الشاميون (فأعرض عن من تولى) ولم يعده الباقون. وعد الكوفيون (من الحق شيئا) ولم يعده الباقون وعد الكل (الحياة الدنيا) إلا الشاميون، فإنهم عدوا آخر الآية (اهتدى).
يقول الله تعالى مخبرا بان كثيرا من ملائكة السماوات (لا تغني شفاعتهم) أي لا تنفع شفاعتهم في غيرهم باسقاط العقاب عنهم (شيئا إلا من بعد أن بإذن الله لمن يشاء) ان يشفعوا فيه ويطلق لهم ذلك (ويرضى) ذلك، وقيل: إن الغرض بذلك الانكار على عبدة الأوثان وقولهم: إنها تشفع لان الملك إذا لم تغن شفاعته شيئا فشفاعة من دونه أبعد من ذلك. وفي ذلك التحذير من الاتكال على الشفاعة، لأنه إذا لم يغن شفاعة الملائكة كان شفاعة غيرهم أبعد من ذلك. ولا ينافي ما نذهب إليه من أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة والمؤمنين يشفعون في كثير من أصحاب المعاصي، فيسقط عقابهم لمكان شفاعتهم، لان هؤلاء - عندنا - لا يشفعون إلا باذن من الله ورضاه، ومع ذلك يجوز أن لا يشفعوا فيه فالزجر واقع موقعه.
ثم أخبر الله تعالى (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة) أي لا يصدقون بالبعث ولا بالثواب ولا بالعقاب (يسمون الملائكة تسمية الأنثى) قال الحسن كانوا يسمون الملائكة بنات الله. ثم قال (ومالهم به من علم) أي بما يقولونه ويسمونه (من علم) أي ليسوا عالمين بذلك (إن يتبعون إلا الظن) أي ليس يتبعون في قولهم ذلك إلا الظن الذي يجوز أن يخطئ ويصيب، وليس معهم شئ من العلم.
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست