التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤١٣
خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون (35) أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون (36) أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون (37) أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين (38) أم له البنات ولكم البنون (39) لم تسئلهم اجرا فهم من مغرم مثقلون) (40) عشرة آيات بلا خلاف.
لما حكى الله تعالى عن الكفار أنهم قالوا في النبي صلى الله عليه وآله أنه كاهن ومجنون، وانه شاعر نتربص به ريب المنون أي نتوقع فيه حوادث الدهر والهلاك، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وأهل (قل) لهم يا محمد (تربصوا فاني معكم من المتربصين) فالتربص هو الانتظار بالشئ انقلاب حال إلى خلافها. والمعنى إنكم إن تربصتم بي حوادث الدهر والهلاك، فاني معكم من المنتظرين لمثل ذلك، فتربص الكفار بالنبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين قبيح، وتربص النبي والمؤمنين بالكفار وتوقعهم لهلاكهم حسن، وقوله (فتربصوا) وإن كان بصيغة الامر فالمراد به التهديد.
وقوله (أم تأمرهم أحلامهم بهذا) على طريق الانكار عليهم ان هذا الذي يقولونه ويتربصون بك من الهلاك. أحلامهم أي عقولهم تأمرهم به، وتدعوهم إليه والأحلام جمع الحلم، وهو الامهال الذي يدعو إليه العقل والحكمة، فالله تعالى حليم كريم، لأنه يمهل العصاة بما تدعو إليه الحكمة، ويقال: هذه أحلام قريش أي عقولهم. ثم قال تعالى ليس الامر على ذلك (بل هم قوم طاغون) والطاغي هو الطالب للارتفاع بالظلم لمن كان من العباد، ومنه قوله (انا لما طغى الماء) (1) لأنه

(1) سورة 69 الحاقة آية 11
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست