التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٠٨
(أتبعناهم) بالنون لقوله بعد ذلك (ألحقنا) وقال البلخي: معنى الآية إن ثواب الذرية إذا عملوا مثل أعمال الاباء يثابون مثل ثواب الاباء، لان الثواب على قدر الاعمال. ولما قال (واتبعناهم ذرياتهم) بين أن ذلك يفعل بهم من غير أن ينقص من أجورهم، لئلا يتوهم انه يلحقهم نقص أجر. وقال الزجاج: معنى الآية إن الأبناء إذا كانوا مؤمنين فكانت مراتب آبائهم في الجنة أعلا من مراتبهم ألحق الأبناء بالآباء، ولم ينقص الآباء من أعمالهم، وكذلك إن كان اعمال الآباء انقص ألحق الآباء بالأبناء. والاتباع إلحاق الثاني بالأول في معنى عليه الأول، لأنه لو ألحق به من غير أن يكون في معنى هو عليه لم يكن اتباعا، وكان إلحاقا.
وإذا قيل: اتبعه بصره فهو الادراك، وإذا قيل: تبعه فهو يصرف البصر بتصرفه.
وقوله (ألحقنا بهم ذرياتهم) قال ابن عباس والضحاك وابن زيد: الحقوا الأولاد بالاباء إذا آمنوا من أجل إيمان الاباء. وفى رواية أخرى عن ابن عباس:
أن التابعين الحقوا بدرجة آبائهم، وإن قصرت اعمالهم تكرمة لآبائهم والأول هو الوجه. وإنما وجب بالايمان إلحاق الذرية بهم مع أنهم قد يكون ليس لهم ذرية لأنه إنما يستحق ذلك السرور على ما يصح ويجوز مع أنه إذا اتبع الذرية على ما أمر الله به استحق الجزاء فيه، فان أبطلته الذرية عند البلوغ بسوء عمل، وفي سروره في أمر آخر كما أن أهل الجنة من سرورهم ما ينزل بأعدائهم في النار، فلو عفى عنهم لوفوا سرورهم بأمر آخر.
وقوله (وما ألتناهم) معناه ما نقصناهم يقال: ألته يألته ألتا، وألاته يلته إلاتة، ولاته يليته ثلاث لغات - ذكرها أبو عبيدة: إذا نقصه، فبين - عز وجل - أنه لا يجوز عليه نقصان شئ من جزاء عمله، لأنه لا يجوز عليه الظلم لا قليله ولا كثيره ولا صغيره ولا كبيره، وقال ابن عباس ومجاهد والربيع (وما ألتناهم) ما نقصناهم
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست