التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٠٠
جاءتهم) يعني الساعة (ذكراهم) أي ما يذكرهم أعمالهم من خير أو شر، فإنه لا ينفعهم في ذلك الوقت الايمان والطاعات لزوال التكليف عنهم.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله والمراد به جميع المكلفين (فاعلم) يا محمد (أنه لا إله إلا الله) أي لا معبود يحق له العبادة إلا الله. وفي ذلك دلالة على أن المعرفة بالله اكتساب، لأنها لو كانت ضرورية، لما أمر بها (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) فالخطاب له والمراد به الأمة لأنه صلى الله عليه وآله لا ذنب له يستغفر منه، ويجوز أن يكون ذلك على وجه الانقطاع إليه تعالى.
ثم قال (والله يعلم متقلبكم ومثواكم) أي الموضع الذي تتقلبون فيه وكيف تتقلبون وموضع استقراركم، لا يخفى عليه شئ من أعمالكم طاعة كانت أو معصية.
وقيل: يعلم متقلبكم في أسفاركم ومثواكم في أوطانكم، وقيل: متقلبكم في أعمالكم ومثواكم في نومكم.
ثم قال تعالى حكاية عن المؤمنين أنهم كانوا يقولون (لولا نزلت سورة) أي هلا نزلت سورة لأنهم كانوا يأنسون بنزول الوحي ويستوحشون من ابطائه فقال الله تعالى حاكيا عن حالهم عند نزول السورة فقال (وإذا أنزلت سورة محكمة) أي ليس فيها متشابه ولا تأويل (وذكر فيها القتال) أي أوجب عليهم القتال (رأيت الذين في قلوبهم مرض) أي نفاق وشك (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) لثقل ذلك عليهم وعظمه في نفوسهم (فأولى لهم) قال قتادة: هو وعيد، وكأنه قال العقاب أولى بهم، وهو ما يقتضيه قبح أحوالهم.
وروي عن ابن عباس، أنه قال: قال الله تعالى (فأولى) ثم استأنف فقال (لهم طاعة وقول معروف) يعني للمؤمنين فصارت أولى للذين في قلوبهم مرض.
وقيل: المعنى (أولى لهم طاعة وقول معروف) من أن يجزعوا عن فرض الجهاد
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست