التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٩٩
والوجه في إضافة الزيادة في الهدى إلى الله هو ما يفعله تعالى بهم من الألطاف التي تقوي دواعيهم إلى التمسك بما عرفوه من الحق وتصرفهم عن العدول إلى خلافه. ويكون ذلك تأكيدا لما عملوه من الحق وصارفا لهم عن تقليد الرؤساء من غير حجة ولا دلالة. ثم قال (وآتاهم) على زيادة الهدى (تقواهم) أي خوفا من الله من معاصيه ومن ترك مفترضاته بما فعل بهم من الألطاف في ذلك.
وقيل معناه (آتاهم) ثواب (تقواهم) ولا يجوز أن يكون المراد خلق لهم تقواهم لأنه يبطل أن يكون فعلهم.
ثم قال (فهل ينظرون إلا الساعة) أي ليس ينتظرون إلا القيامة (أن تأتيهم بغتة) أي فجأة، فقوله (أن تأتيهم) بدل من الساعة، وتقديره إلا الساعة إتيانها بغتة، فان حذف الساعة كان التقدير هل ينظرون إلا إتيانهم الساعة بغتة.
ثم قال تعالى (فقد جاء أشراطها) أي علاماتها. وقيل: منها انشقاق القمر في وقت النبي صلى الله عليه وآله ومنها مجئ محمد صلى الله عليه وآله بالآيات لأنه آخر الأنبياء، فالاشراط العلامات واحدها شرط قال جرير:
ترى شرط المعزى مهور نسائهم * وفي شرط المعزى لهن مهور (1) وأشرط فلان لنفسه إذا علمها بعلامة، وقال أوس بن حجر:
فاشرط فيها نفسه وهو مقصم * والقى بأسباب له وتوكلا (2) والفاء في قوله (فقد جاء أشراطها) عطف جملة على جملة فيها معنى الجزاء، والتقدير إن تأتهم بغتة، فقد جاء أشراطها. وقد قرئ شاذا عن أبي عمرو (الا إن) والقراءة بفتح (أن) وقال المبرد: هذا لا يجوز لأنه تعالى أخبر انه لا تأتي الساعة إلا بغتة، فكيف تعلق بشرط. وقال تعالى (فأنى لهم) أي من أين لهم (إذا

(1) الطبري 26 / 30 (2) الطبري 26 / 31
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست