التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٠٥
وشبهوا عليهم ذلك ومالوا إلى خلافه. وقيل: هذا قول اليهود للمنافقين " سنطيعكم في بعض الامر " أي نفعل بعض ما تريدونه من الميل إليكم وإعطاء شهواتكم.
ثم قال " والله يعلم اسرارهم " أي بواطنهم - فمن فتح الهمزة، ومن كسرها - أراد يعلم ما يسرونه. ثم قال " فكيف إذا توفتهم الملائكة " والمعنى كيف حالهم إذا توفتهم الملائكة وحذف تفخيما لشأن ما ينزل بهم " يضربون وجوههم وأدبارهم، على وجه العقوبة لهم في القبر ويوم القيامة.
ثم بين تعالى لم يفعل الملائكة بهم ذلك، فقال " ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله " يعني المعاصي التي يكرهها الله ويعاقب عليها " وكرهوا رضوانه " أي كرهوا سبب رضوانه من الايمان والطاعات والامتناع من القبائح " فأحبط أعمالهم " أي حكم بأنها باطلة محبطة لا يستحق عليها الثواب.
ثم قال " أم حسب الذين في قلوبهم مرض " أي نفاق وشك يظنون " أن لن يخرج الله أضغانهم " أي أحقادهم مع المؤمنين ولا يظهرها ولا يبدي عوراتهم للنبي صلى الله عليه وآله " ولو نشاء لأريناكهم " يعني المنافقين بأعيانهم، ولو شئت لعرفتكهم حتى تعرفهم. ثم قال " فلعرفتهم بسيماهم " أي بعلاماتهم التي نصبها الله لكم، يعرفهم بها يعني الامارات الدالة على سوء نياتهم. ثم قال " ولتعرفنهم في لحن القول " أي في فحوى أقوالهم ومتضمنها. ومنه قوله صلى الله عليه وآله (ولعل بعضكم ألحن بحجته) أي أذهب بها في الجهات لقوته على تصريف الكلام، واللحن الذهاب عن الصواب في الاعراب، واللحن ذهاب الكلام إلى خلاف جهته. ثم قال " والله يعلم أعمالكم " الطاعات منها والمعاصي، فيجازيكم بحسبها.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست