ولا أفئدتهم من شئ " أي لم ينفعهم جميع ذلك، لأنهم لم يعتبروا بها ولا فكروا فيها " إذ كانوا يجحدون بآيات الله " وأدلته " وحاق بهم " أي حل بهم عذاب " ما كانوا به يستهزؤن " ويسخرون منه.
وقوله " ما ان مكناكم فيه " قال ابن عباس وقتادة: معناه في ما لم نمكنكم فيه. وقال المبرد: (ما) الأولى بمعنى (الذي) و (إن) بمعنى (ما) وتقديره في الذي ما مكناكم، والمراد بالآية وعيد كفار قريش وتهديدهم وأن الله قد مكن قوم عاد بما لم يمكن هؤلاء منه، من عظيم القوة وشدة البطش والقدرة على جميع ما يطلبونه، وأنهم مع تمكينهم لم ينفعهم ذلك لما نزل بهم عذاب الله حين كفروا به وجحدوا ربوبيته ولم يغنهم جميع ذلك.
ثم قال " ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى " يعني قوم هود وصالح، لأنهم كانوا مجاورين لبلاد العرب وبلادهم حول بلادهم، فإذا أهلكهم الله بكفرهم كان ينبغي أن يعتبروا بهم " وصرفنا الآيات " وتصريف الآيات تصييرها في الجهات وتصريف الشئ تصييره في الجهات، وتصريف المعنى تصييره تارة مع هذا الشئ وتارة مع ذلك، وتصريف الآيات تصييرها تارة في الاعجاز وتارة في الاهلاك، وتارة في التذكير بالنعم وتارة في وصف الأبرار، وتارة في وصف الفجار، ليجتنب مثل فعلهم " لعلهم يرجعون " أي لكي يرجعوا إلى طاعته.
ثم قال " فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة " ومعناه فهلا نصرهم الذين اتخذوا آلهة من دون الله من الأصنام، توبيخا لهم على فعلهم واعلاما بأن من لا يقدر على نصرة أوليائه كيف تصح عبادته " قربانا آلهة " أي يقربون إليهم قربانا وسموها آلهة.
ثم قال لم ينصرونهم " بل ضلوا عنهم " واخبر أن " ذلك إفكهم وما كانوا