التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٥
قال " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " نبه بذلك على ما يستحقه الوالدان من الاحسان اليهما ومعاملتهما من حيث أنهما تكفلا به وربياه، وانه " حملته أمه كرها ووضعته كرها " أي بمشقة في حال الولادة وأرضعته مدة الرضاع. ثم بين ان أقل مدة الحمل وكمال مدة الرضاع ثلاثون شهرا، وأنهما تكفلا به حتى بلغ حد الكمال " حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة " قيل أكثر الفصال وأكثر مدة الرضاع أربعة وعشرون شهرا وأقل مدة الحمل ستة اشهر، والمعنى وصية بذلك ليكون إذا بلغ أشده أي حال التكليف وحال الأربعين، قال هذا القول علمه الله إياه. وقال قتادة وابن عباس: أشده ثلاث وثلاثون سنة. وقال الشعبي: هو وقت بلوغ الحلم. وقال الحسن: أشده وقت قيام الحجة عليه. ثم " قال رب أوزعني ان اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي " فالايزاع المنع من الانصراف عن الشئ فالايزاع الشكر المنع من الانصراف عنه باللطف، ومنه قولهم يزع الله بالسلطان مالا يزع بالقرآن. ومنه قول الحسن: لابد للسلطان من وزعة. قال النابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصبا * فقلت ألما تصح والشيب وازع اي مانع. وقيل: إيزاع الشكر هو الهام الشكر وقيل الأعزاء بالشكر " وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين " تمام ما علمه الله للانسان ووصاه ان يدعو به إذا بلغ أشده: أن يقول: إني تائب إلى الله من المعاصي وإني من جملة المسلمين لامر الله.
قوله تعالى:
(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون (16) والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست