التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٤
التوراة (إماما ورحمة) أي جعلناه إماما ورحمة وأنزلناه إماما يهتدى به ورحمة أي نعمة على الخلق. ثم قال (وهذا) يعني القرآن (كتاب مصدق) لذلك الكتاب (لسانا عربيا) نصبه على الحال، ويجوز أن يكون حالا من هذا الكتاب ويجوز أن يكون حالا لما في (مصدق) من الضمير. وقوله (لينذر الذين ظلموا) أي ليخوفهم، ويعلمهم استحقاق العقاب على المعاصي واستحقاق الثواب على الطاعات.
فمن قرأ بالتاء جاز أن يكون خطابا للنبي صلى الله عليه وآله ويجوز أن يكون ردا على اللسان على ما قدمناه، وهو مؤنث. ومن قرأ بالياء رده إلى الكتاب الذي هو القرآن.
وقوله (وبشرى للمحسنين) معناه أن يكون هذا القرآن بشارة لمن فعل الصالحات واختار الحسنات، ويجوز في (بشرى) أن يكون رفعا عطفا على (مصدق) ويجوز أن يكون نصبا لوقوعه موقع (وبشيرا) فيكون حالا، كما تقول: اتيتك لأزورك وكرامة لك وقضاء لحقك.
ثم اخبر تعالى (إن الذين قالوا) بلسانهم (ربنا الله) واعتقدوا ذلك بقلوبهم (ثم استقاموا) على ذلك لم يعدلوا عنه (فلا خوف عليهم) من العقاب في الآخرة (ولا هم يحزنون) من أهوال القيامة.
ثم اخبر عنهم فقال (أولئك) يعني من تقدم ذكرهم (أصحاب الجنة) أي الملازمون لها (خالدين فيها جزاء) لهم (بما كانوا يعلمون) في الدنيا من الطاعات.
ثم قال تعالى (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا) أي امرناه بأن يحسن إلى والديه إحسانا. فمن قرأ بلا الف فالمعنى أن يحسن فعله معهما حسنا، فالحسن والحسن. لغتان، يقال: حسن يحسن حسنا ومن قرأ " إحسانا " جعله مصدر أحسن ". وكرها " بفتح الكاف المصدر وبضمها الاسم. وقيل هما لغتان. وقوله " حملته أمه كرها ووضعته كرها " قال الحسن وقتادة ومجاهد: أي بمشقة. ثم
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست