التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٤
ذم في العباد وكذلك متكبر، لأنها تقتضي التعظيم في أعلى المراتب، ولا يستحق التعظيم في أعلى المراتب إلا من لا يجوز عليه صفة النقص بوجه من الوجوه " وكنتم قوما مجرمين " أي عاصين، فالاجرام الانقطاع إلى الفساد، واصله قطع الفعل عما تدعو إليه الحكمة. ثم حكى تعالى انه " إذا قيل إن وعد الله حق " أي ما وعدوا به من الثواب والعقاب كائن لامحة " وان الساعة لا ريب فيها " أي لاشك في حصولها " قلتم " معاشر الكفار " ما ندري ما الساعة " أي لا نعرفها " إن نظن إلا ظنا " ليس نعلم ذلك " وما نحن بمستيقنين " أي لسنا بمستيقنين ذلك.
ثم اخبر تعالى فقال " وبدا لهم سيئات ما عملوا " ومعناه ظهر لهم جزاء معاصيهم التي عملوها في دار التكليف من العقاب " وحاق بهم، أي حل بهم جزاء " ما كانوا به يستهزؤن " باخبار الله واخبار نبيه " وقيل " لهم " اليوم ننساكم " أي نترككم في العقاب - في قول ابن عباس - ونحرمكم ثواب الجنة " كما نسيتم " أي كما تركتم التأهب ل‍ " لقاء يومكم هذا " فلم تعملوا الطاعات وارتكبتم المعاصي وقال مجاهد: كنسيانكم يومكم " ومأواكم النار " أي مستقركم جهنم " ومالكم من ناصرين " يدفعون عنكم عذاب الله ولا لكم من مستنقذ من عذاب الله. ثم بين تعالى لم فعل بهم ذلك بان قال " ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا " يعني حججه وآياته (هزوا) أي سخرية تسخرون منها " وغرتكم الحياة الدنيا " أي خدعتكم زينتها ومعناه اغتررتم بها، " فاليوم لا تخرجون منها " يعني من النار.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما " يخرجون " بفتح الياء وبضم الراء. الباقون بضم الياء وفتح الراء. ومن فتح الياء، فلقوله " يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها " (1) ومن ضم فلقوله " ولا هم يستعتبون " وطابق بينهما

(1) سورة 5 المائدة آية 40
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست