التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧١
عقاب الله ومحذرا من معاصيه ومرغبا في طاعاته. وقيل: إن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله شكوا إليه ما يلقون من أهل مكة من الأذى، فقال لهم (إني رأيت في المنام أني أهاجر إلى ارض ذات نخل وشجر) ففرحوا بذلك، فلما تأخر ذلك، قالوا:
يا رسول الله ما نرى ما بشرتنا به فأنزل الله الآية. وقوله (مبين) معناه مظهر لكم الحق فيه.
ثم قال (قل) لهم يا محمد (أرأيتم إن كان من عند الله) يعني هذا القرآن (وكفرتم به) يعني بالقرآن (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وعون بن مالك الأشجعي صحابي، وابن زيد: نزلت الآية في عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل، فروي أن عبد الله بن سلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله سل اليهود عني فهم يقولون هو أعلمنا، فإذا قالوا ذلك قلت لهم إن التوراة دالة على نبوتك وأن صفاتك فيها واضحة، فلما سألهم عن ذلك، قالوا ذلك، فحينئذ اظهر ابن سلام إيمانه وأوقفهم على ذلك، فقالوا هو شرنا وابن شرنا. وقال الفراء: هو رجل من اليهود.
وقال مسروق: الشاهد من بني إسرائيل هو موسى عليه السلام شهد على التوراة كما شهد النبي صلى الله عليه وآله على القرآن، قال: لان السورة مكية وابن سلام أسلم بالمدينة.
وقوله (فآمن واستكبرتم) عن الايمان وجواب (إن كان من عند الله محذوف. قال الزجاج: تقديره (فآمن واستكبرتم) فلا تؤمنون. وقال غيره تقديره فآمن واستكبرتم إنما تهلكون. وقال الحسن: جوابه فمن أضل منكم.
ثم اخبر تعالى فقال (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) ويحتمل أمرين:
أحدهما - إنه لا يهديهم إلى الجنة لاستحقاقهم العقاب.
والثاني - إنه لا يحكم بهداهم لكونهم ضلالا ظالمين. ولا يجوز أن يكون
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست