التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٥٤
وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين (19) هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون) (20) خمس آيات بلا خلاف.
هذا قسم به من الله تعالى بأنه أعطى بني إسرائيل الكتاب يعني التوراة وآتاهم الحكم، وهو العلم بالفصل بين الخصمين وبين المحق والمبطل، يقال: حكم في الامر يحكم حكما، وحكمته في أمري تحكيما، واحكم العمل إحكاما، واستحكم الشئ استحكاما، وحاكمته إلى الحاكم محاكمة (ورزقناهم من الطيبات) فالرزق العطاء الجاري على توقيت وتوظيف في الحكم، وإنما قلنا في الحكم، لأنه لو حكم بالعطاء الموقت في الأوقات الدائرة على الاستمرار لكان رازقا وإن اقتطعه ظالم عن ذلك العطاء. ثم قال (وفضلناهم على العالمين) والتفضيل جعل الشئ أفضل من غيره باعطائه من الخير ما لم يعط غيره أو بالحكم لأنه أفضل منه، فالله تعالى فضل بني إسرائيل بما أعطاهم على عالمي زمانهم. قال الحسن: فضلهم الله على أهل زمانهم وقال قوم: فضلهم بكثرة الأنبياء منهم على سائر الأمم، وإن كانت أمة محمد صلى الله عليه وآله أفضل في كثرة المطيعين لله، وكثرة العلماء منهم، كما تقول هذا أفضل في علم النحو، وذاك في علم الفقه، فأمة محمد صلى الله عليه وآله أفضل في علو منزلة نبيها عند الله على سائر الأنبياء، وكثرة العلماء منهم والعاملين بالحق لقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (1) فأولئك خالف أكثرهم أنبياءهم ووافق كثير من هؤلاء علماءهم واخذوا عنهم واقتبسوا من نورهم، والفضل الخير الزائد على غيره وأمة محمد صلى الله عليه وآله أفضل

(1) سورة 3 آل عمران آية 110
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست