التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٤٥
من دونه. وإنما قال (من دونه) لان من اتخذ وليا بأمر الله لم يتخذه من دون الله.
وقوله (الله حفيظ عليهم) أي حافظ عليهم أعمالهم وحفيظ عليها بأنه لا يعزب عنه شئ منها، وانه قد كتبها في اللوح المحفوظ مظاهرة في الحجة عليهم وما هو أقرب إلى أفهامهم إذا تصوروها مكتوبة لهم وعليهم.
وقوله (وما أنت عليهم بوكيل) معناه إنك لم توكل بحفظ اعمالهم، فلا يظن ظان هذا، فإنه ظن فاسد وإنما بعثك الله نذيرا لهم وداعيا إلى الحق ومبينا لهم سبيل الرشاد، وقيل: معناه إنك لم توكل عليهم أي تمنعهم من الكفر بالله، لأنه قد يكفر من لا يتهيأ له منعه من كفره بقتله.
وقوله (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا) معناه مثل ما أوحينا إلى من تقدمك من الأنبياء بالكتب التي أنزلناها عليهم أوحينا إليك أيضا قرآنا عربيا لتنذر أم القرى أي لتخوفهم بما فيه من الوعيد وتبشرهم بما فيه من الوعد. قال السدي: أم القرى مكة والتقدير لتنذر أهل أم القرى (ومن حولها) من سائر الناس. وسميت أم القرى، لأنه روي أن الله تعالى دحا الأرض من تحت الكعبة قال المبرد: كانت العرب تسمي مكة أم القرى (ومن حولها) ومن يطيف بها (وتنذر يوم الجمع) معناه وتخوفهم يوم الجمع أيضا، ونصب (يوم) لأنه مفعول ثان وليس بظرف، لأنه ليس ينذر في يوم الجمع، وإنما يخوفهم عذاب الله يوم الجمع.
وقيل هو يوم القيامة (لا ريب فيه) أي لا شك فيه وفى كونه.
ثم قسم أهل يوم القيامة فقال (فريق) منهم (في الجنة) بطاعتهم (وفريق) منهم (في السعير) جزاء على معاصيهم. ثم قال (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) معناه الاخبار عن قدرته بأنه لو شاء ان يلجئهم إلى الايمان ودين الاسلام، لكان
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست