التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٤٨
هو ربي واليه ارجع في أموري كلها، زاد في صفاته تعالى (فاطر السماوات والأرض) أي هو فاطر السماوات، ومعنى فاطر خالق السماوات ابتداء. وحكي عن ابن عباس أنه قال لم أكن أعرف معنى (فاطر) حتى تحاكم إلى أعرابيان في بئر فقال أحدهما انا فطرته بمعنى أنا ابتدأته، والفطر أيضا الشق. ومنه قوله تعالى (تكاد السماوات يتفطرن منه) وقوله (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) يعني اشكالا مع كل ذكر أنثى يسكن إليها ويألفها. ومن الانعام أزواجا من الضان اثنين ومن المعز اثنين ومن البقر اثنين ومن الإبل اثنين، ذكورا وإناثا ووجه الاعتبار بجعل الأزواج ما في ذلك من إنشاء الشئ مالا بعد حال على وجه التصريف الذي يقتضي الاختيار، وجعل الخير له أسباب تطلب كما للشر أسباب تجتنب، فخعل لكل حيوان زوجا من شكله على ما تقتضيه الحكمة فيه.
وقوله (يذرؤكم فيه) أي يخلقكم ويكثركم فيه يعني في التزويج وفي ما حكم فيه. وقال الزجاج والفراء: معناه يذرؤكم به أي بما جعل لكم أزواجا وانشد الأزهري قول الشاعر يصف امرأة:
وارغب فيها عن لقيط ورهطه * ولكنني عن سنبس لست ارغب (1) أي ارغب بها عن لقيط. فالذرء إظهار الشئ بايجاده يقال: ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا واصله الظهور، ومنه ملح ذرآني لظهور بياضه. والذرية لظهورها ممن هي منه. وقوله (ليس كمثله شئ) قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - إن الكاف زائدة وتقديره ليس مثل الله شئ من الموجودات ولا المعدومات كما قال أوس بن حجر:

(1) مر في 6 / 278
(١٤٨)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست