التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٤١
السين واتفق أهل الكوفة على أن لم يفردوا السين بين حرفين في الكلام هذا على الأصل. واما الحجة من جهة التخفي، فان النون تدغم في الميم وتخفى عند القاف والمخفي بمنزلة المظهر، فلما كره التشديد في (طسم) اظهروا لما كان المخفي بمنزلة الظاهر ولم يحتج إلى اظهار القاف، قال الفراء: ذكر عن ابن عباس أنه قال (حمسق) بلا عين. وقال السين كل فرقة تكون. والقاف كل جماعة كانت، قال الفراء وكانت في بعض مصاحف عبد الله مثل ذلك. وقرأ ابن كثير وحده (يوحى إليك) بفتح الحاء على ما لم يسم فاعله، فعلى هذا يكون اسم الله مرتفعا بمحذوف يدل عليه المذكور قال الشاعر:
ليبك يزيد ضارع لخصومة * ومختبط مما تطيح الطوائح (1) أي يبكيه ضارع، فيكون التقدير يوحى إليك يوحي الله. قال أبو علي: ذكر أن مثل هذه السورة أوحى إلى من تقدم من الأنبياء، فعلى هذا يكون التقدير يوحي إليك هذه السورة كما أوحى إلى الذين، وقال الزجاج، والفراء: يقال إن (حمعسق) أوحيت إلى كل نبي كما أوحيت إلى محمد صلى الله عليه وآله قال ابن عباس: وبها كان علي عليه السلام يعلم الفتن. وقرأ الباقون يوحي - بكسر الحاء - فيكون على هذا اسم الله مرتفعا بأنه فاعل (يوحي) وقد قرئ شاذا (نوحي) بالنون مع كسر الحاء فعلى هذا يحتمل رفع اسم الله لوجهين:
أحدهما - أن يكون رفعا بالابتداء.
والثاني - أن يكون مرتفعا بفعل مقدر يدل عليه (يوحي) الأول، كما قلناه في من فتح الحاء. ويجوز أن يكون بدلا من الضمير. ويجوز أن يجعل اسم الله خبر ابتداء محذوف، وتقديره هو الله العزيز الحكيم. وقرأ أبو عمرو وعاصم في

(1) مر هذا البيت في 4 / 310 و 6 / 329 و 7 / 440
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست