التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢١٩
الحجة - في الزنا - شهادة وكان قذفا، ثم بين أن الشهيد الذي هو الله * (يعلم ما في السماوات والأرض) * ويعلم الذين صدقوا بالباطل وجحدوا وحدانيته.
ثم اخبر عنهم انهم الخاسرون الذين خسروا ثواب الجنة بارتكابهم المعاصي وجحدهم بالله، فكان ذلك الخسران الذي لا يوازيه خسران مال. وقوله * (والذين آمنوا بالباطل) * إنما وصفهم بالايمان مقيدا بالباطل، كما يقال: فلان كافر بالطاغوت مقيدا، وإنما الاطلاق لا يجوز فيهما.
ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال * (ويستعجلونك بالعذاب) * يعني هؤلاء الكفار * (يستعجلونك بالعذاب) * أن ينزل عليهم بجحودهم صحة ما تدعوهم به، كما قالوا * (فأمطر علينا حجارة من السماء) * (1) و * (لولا أجل مسمى) * يعني وقتا قدره الله أن يعاقبهم فيه وهو يوم القيامة وأجل قدره الله أن يبقيهم إليه لضرب من المصلحة. وقال الجبائي: ذلك يدل على أن التبقية لا تجب لكونه أصلح، لأنه علله بأنه قدر له أجلا * (لجاءهم العذاب) * الذي استحقوه * (وليأتينهم) * العذاب الذي يوعدونه * (بغتة) * أي فجأة * (وهم لا يشعرون) * بوقت مجيئه.
ثم قال * (يستعجلونك) * يا محمد * (بالعذاب) * أي يطلبون العذاب عاجلا قلة يقين منهم بصحته * (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) * أي كأنها محيطة بهم لما قد لزمهم بكفرهم من كونهم فيها. وقيل: معناه انه إذا كان يوم القيامة أحاطت بهم. ووجه ثالث - أنها تحيط بهم * (يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ونقول ذوقوا ما كنتم تعملون) * أي تكسبون أي ذوقوا جزاء اعمالكم المعاصي التي اكتسبتموها.

(1) سورة 8 الأنفال آية 32
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست