لم تكن تحسن القراءة قبل أن يوحى إليك بالقرآن " ولا تخطه بيمينك " معناه وما كنت أيضا تخط بيمينك. وفيه اختصار، وتقديره ولو كنت تتلو الكتاب وتخطه بيمينك " إذا لارتاب المبطلون " وقال المفسرون: إنه لم يكن النبي صلى الله عليه وآله يحسن الكتابة. والآية لا تدل على ذلك بل فيها إنه لم يكن يكتب الكتاب وقد لا يكتب الكتاب من يحسنه، كمالا يكتب من لا يحسنه، وليس ذلك بنهي، لأنه لو كان نهيا لكان الأجود أن يكون مفتوحا، وإن جاز الضم على وجه الاتباع لضمة الخاء، كما يقال: (رده) بالضم والفتح والكسر، ولكان أيضا غير مطابق للأول. ولو أفاد أنه لم يكن يحسن الكتابة قبل الايحاء، لكان دليله يدل على أنه كان يحسنها بعد الايحاء إليه، ليكون فرقا بين الحالتين.
ثم بين تعالى أنه لم يكتب، لأنه لو كتب لشك المبطلون في القرآن وقالوا هو قرأ الكتب أو هو يصنفه، ويضم شيئا إلى شئ في حال بعد حال فإذا لم يحسن الكتابة لم تسبق إليه الظنة.
ثم قال " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " وقيل: معناه بل هي آيات واضحات في صدور العلماء. بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، على صفته في التوراة والإنجيل - في قول ابن عباس - وقال الحسن: بل القرآن آيات بينات في صدور العلماء. ثم قال * (وما يجحد بآياتنا) * أي لا ينكر حججنا ويجحدها إلا الذين ظلموا نفوسهم بترك النظر فيها، أو العناد لها بعد طول المدة وحصول العلم بها. ثم حكى عن الكفار انهم قالوا: هلا انزل على محمد آية من ربه؟ يريدون آية يقترحونها، وآية كآية موسى: من فلق البحر وقلب العصا حية، فقال الله تعالى لهم * (قل) * لهم يا محمد * (إنما الآيات عند الله) * ينزلها ويظهرها بحسب ما يعلم من مصالح خلقه * (وإنما أنا نذير) * أي