التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢١٥
المحق في الجدل على الظالم فيه، بتأديب الله تعالى في الآية في قوله " إلا الذين ظلموا منهم " فاستثنى الظالم عن المجادلة بالتي هي أحسن.
فان قيل: لم استثنى الذين ظلموا؟ وكلهم ظالم لنفسه بكفره!
قيل: لان المراد " إلا الذين ظلموا " في جدالهم أو في غيره مما يقتضي الاغلاظ لهم، ولهذا يسع الانسان ان يغلظ على غيره، والا فالداعي إلى الحق يجب أن يستعمل الرفق في أمره. قال مجاهد: " إلا الذين ظلموا منهم " بمنع الجزية. وقال ابن زيد: الذين ظلموا بالإقامة على كفرهم بعد إقامة الحجة عليهم.
ثم قال تعالى للمؤمنين " وقولوا آمنا بالذي انزل الينا " من القرآن " وانزل إليكم " من التوراة والإنجيل، وقولوا " وإلهنا وإلهكم واحد " لا شريك له " ونحن له مسلمون " طائعون.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله ومثل ما أنزلنا الكتاب على موسى وعيسى من التوراة والإنجيل " أنزلنا إليك الكتاب " القرآن " فالذين آتيناهم الكتاب " يعني الذين آتيناهم علم الكتاب يصدقون بالقرآن لدلالته عليه " ومن هؤلاء من يؤمن به " أي من غير جهة علم الكتاب. وقيل " فالذين آتيناهم الكتاب " يعني به عبد الله بن سلام وأمثاله. و " من هؤلاء " يعني أهل مكة " من يؤمن به ". ويحتمل أن يكون أراد ب‍ (الذين آتيناهم الكتاب) الذين آتاهم القرآن: المؤمنين منهم و (ومن هؤلاء) يعني من اليهود والنصارى " من يؤمن به " أيضا، والهاء في قوله (به) يجوز أن تكون راجعة إلى النبي، ويجوز أن تكون راجعة إلى القرآن " وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون " لان كل من جحد بآيات الله من المكلفين، فهو كافر: معاندا كان أو غير معاند.
ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال " وما كنت تتلو من قبله من كتاب " يعني
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست