التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٢١
الرجوع من قوله * (باءوا بغضب من الله) * (1) أي رجعوا، ومنه قول الحارث ابن عباد: (بوئوا بشسع كليب) وقيل: معناه لننزلنهم من الجنة علالي.
يقول الله تعالى لخلقه الذين صدقوا بوحدانيته وأقروا بنبوة نبيه * (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة) * لبعد أقطارها، فاهربوا من أرض من منعكم فيها من الايمان واخلاص عبادتي فيها. وقيل: نزلت في مؤمني مكة أمروا بالهجرة عنها، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وابن زيد. وقيل * (أرضي واسعة) * بما أخرج فيها من الرزق لكم - ذكره مطرف بن عبد الله بن السخير العامري. وقال الجبائي: معناه إن ارض الجنة واسعة، وأكثر أهل التأويل على أن المراد به ارض الدنيا.
وقوله * (فإياي فاعبدون) * أي اعبدوني خالصا، ولا تطيعوا أحدا من خلقي في معصيتي. وقيل: دخول الفاء في الكلام للجزاء وتقديره إن ضاق موضع بكم فإياي فاعبدون لان أرضي واسعة. و (إياي) منصوب بمضمر يفسره ما بعده.
ثم اخبر تعالى ان * (كل نفس) * أحياها الله بحياة خلقها فيها * (ذائقة الموت) * والذائق الواجد للجسم بحاسة إدراك الطعم * (ثم الينا ترجعون) * أي تردون إلينا فنجازيكم على قدر استحقاقكم من الثواب والعقاب. وفي ذلك غاية التهديد والزجر. ثم قال * (والذين آمنوا) * أي صدقوا بوحدانية الله، وأقروا بنبوة نبيه صلى الله عليه وآله * (وعملوا) * مع ذلك الاعمال * (الصالحات لنبوأنهم) * أي لننزلنهم * (من الجنة) * التي وعدها الله المتقين * (غرفا) * أي مواضع عاليات * (تجري من تحتها الأنهار) * لان الغرف تعلو عليها. وقيل: تجري من تحت

(1) سورة 2 البقرة آية 61 وسورة 3 آل عمران آية 112
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست