خص رب موسى وهارون بالذكر دون غيرهما، وإن كان رب كل شئ، للبيان عن المعني الذي دعا إلى ربوبيته موسى وهارون، لان الجهال كانوا يعتقدون ربوبية فرعون، فكان إخلاصهم على خلاف ما يقوله الأغبياء، والمعنى الذي ألقاهم ساجدين قيل فيه قولان:
أحدهما - إن الحق الذي عرفوه ألقاهم ساجدين.
الثاني - انهم ألقوا نفوسهم ساجدين لما عرفوا من صحة الدعاء إلى الدين.
فقال عند ذلك فرعون مهددا لهم " أأمنتم له " أي صدقتم له فيما يدعو إليه منكرا عليهم " قبل أن آذن لكم " في تصديقكم. ثم قال " إنه لكبيركم " أي أستاذكم وعالمكم " الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون " فيما بعد ما افعله بكم جزاء على تصديقكم إياه، ودخلت اللام في الكلام تأكيدا، ثم فسر ذلك، فقال " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف " يعني قطع اليد من جانب، والرجل من الجانب الآخر كقطع الرجل اليسرى واليد اليمنى " ولأصلبنكم " مع ذلك " أجمعين " على الجذوع، ولا أترك واحدا منكم، لا تناله عقوبتي، فقالوا له في الجواب عن ذلك " لا ضير " أي لا ضرر علينا بما تفعله يقال: ضره يضره ضرارا، وضاره يضير ضيرا، وضاره يضوره ضورا لغة قليلة. وقوله " انا إلى ربنا منقلبون " أي مصيرنا إلى ثواب الله لا يضرنا ما تفعله بنا. وقال الجبائي: في الآية دلالة على أن للانسان أن يظهر الحق وإن خاف القتل. وقال الحسن: لم يصل فرعون إلى قتل أحد منهم ولا قطعه. وقال قوم: أول من قطع الأيدي والأرجل فرعون.
قوله تعالى:
* (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول