على هذه القراءة أن يجتلب همزة الوصل، وهمزه الوصل لا تدخل على الافعال المضارعة، كما لا تدخل على أسماء الفاعلين.
حكى الله تعالى أن السحرة لما حشروهم إلى فرعون وحضروا بين يديه قالوا له " أئن لنا لأجرا ان كنا نحن الغالبين " اي هل لنا أجر جزاء على غلبنا إياه ان غلبناه. ومن قرأ على الخبر " إن لنا " أراد انهم لتيقنهم بالاجر أخبروا بذلك. والأول أقوى لقوله " قال نعم " وذلك جواب الاستفهام. والاجر الجزاء على العمل بالخير. والجزاء على الشر يسمى عقابا، ولذلك إذا دعي لانسان قيل: آجرك الله. والمعنى أئن لنا لأجرا عند الملك؟ والغالب الذي يعلو على غيره الذي يمنع في نفسه بما يصير إليه في قبضة، فالله غالب كل شئ بمعنى أنه عال عليه لدخوله في مقدوره، لا يمكنه الخروج منه، فقال لهم فرعون في جواب ذلك: " نعم " لكم على ذلك الاجر الجزيل " وانكم " مع ما تعطون من الجزاء " إذا لمن المقربين ". والمقرب المدني من مجلس الكرامة، واختصاصه بها.
ثم حكى ما قال موسى للسحرة، فإنه قال لهم " ألقوا ما أنتم ملقون " وهذا بصورة الامر والمراد به التحدي، والمعنى اطرحوا ما أنتم ملاقوه " فالقوا حبالهم وعصيهم " أي طرحت السحرة ما كان معهم من السحر من الحبال والعصي التي سحروها وموهوا بأنها تسعى وتتحرك. وقيل: انهم جعلوا فيها زيبقا، وطرحوها في الشمس، فلما حميت بالشمس تحرك الزيبق، لأنه إذا حمي من شأنه أن يصعد فتحركت لذلك الحبال والعصي، فظن الناظرون أنها تتحرك. وقالوا حين طرحوا ما معهم " بعزة فرعون " والعزة القوة التي يمتنع بها من لحاق الضيم بعلو منزلتها، وهذا القول قسم منهم وإن كان غير مبرور " إنا لنحن الغالبون " لموسى فيما أتى به " فالقى " عند ذلك " موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون "