ثم اخبر انه تعالى أهلك قارون، وفرعون، وهامان. ويجوز أن يكون عطفا على (الهاء والميم) في قوله " فصدهم عن السبيل " وكأنه قال فصد عادا وثمود، وصد قارون وفرعون وهامان. وأنهم " جاءهم موسى بالبينات " يعني بالحجج الواضحات: من فلق البحر وقلب العصا وغير ذلك " فاستكبروا في الأرض " أي طلبوا التجبر فيها، ولم ينقادوا للحق وأنفوا من اتباع موسى " وما كانوا سابقين " أي فائتين لله، كما يفوت السابق.
ثم اخبر تعالى فقال " فكلا أخذنا بذنبه " أي أخذنا كلا بذنبه " فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا " وهو الريح العاصفة التي فيها حصباء وهي الحصى الصغار، وشبه به البرد والجليد، قال الأخطل:
ولقد علمت إذا العشار تروحت * هدج الرئال تكبهن شمالا ترمي الرياح بحاصب من ثلجها * حتى تبيت على العضاة جفالا (1) وقال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام يضربنا * بحاصب كنديف القطن منثور (2) والذين أرسل عليهم الحاصب قوم لوط - في قول ابن عباس، وقتادة - والذين أخذتهم الصيحة ثمود وقوم شعيب - في قولهما - " ومنهم من خسفنا به الأرض " يعني قارون، " ومنهم من أغرقنا " يعني قوم نوم وفرعون.
ثم اخبر تعالى أنه لم يظلمهم بما فعل معهم " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " بجحدهم نعم الله واتخاذهم مع الله آلهة عبدوها، وطغيانهم وفسادهم في الأرض.
وذلك يدل على فساد قول المجبرة الذين قالوا: إن الظلم من فعل الله، لأنه