التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٥٠١
عصوا عذاب الله في الآخرة. والبشارة الاخبار عما يظهر سروره في بشرة الوجه، تقول: بشره تبشيرا وبشارة. وبشارة الأنبياء مضمنة باخلاص العبادة لله تعالى.
والنذارة هو الاخبار بما فيه المخافة، ليحذر منه. أنذره إنذارا ونذارة، وتناذر القوم إذا أنذر بعضهم بعضا. ثم امره، فقال: يا محمد " قل " لهؤلاء الكفار: إني لست أسألكم على ما أبشركم به وأحذركم منه " اجرا " تعطوني " إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا " استثناء من غير الجنس، ومعناه انه جعل أجره على دعائه اتخاذ المدعو سبيلا إلى ربه وطاعته إياه كقول الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس * إلا اليعافير وإلا العيس (1) جعلها أنيس ذلك المكان. وقيل: " إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا " بانفاقه ماله في طاعة الله، وابتغاء مرضاته.
ثم امره ان يتوكل على ربه " الحي الذي لا يموت " والمراد به جميع المكلفين لأنه يجب على كل أحد ان يتوكل على الله، ويسلم لامره، ومعنى " وسبح بحمده " أي احمده منزها له مما لا يجوز عليه في صفاته، بان تقول: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على نعمه واحسانه الذي لا يقدر عليه غيره، الحمد لله حمدا يكافئ نعمه في عظم المنزلة وعلو المرتبة، وما أشبه ذلك.
وقوله " وكفى به " اي كفى الله " بذنوب عبادة خبيرا " أي عالما " الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما " يعني بين هذين الصنفين، كما قال القطامي:
ألم يحزنك أن جبال قيس * وتغلب قد تباينتا انقطاعا (2) وقال الآخر:

(١) قد مر في ١ / ١٥١ و ٣ / ٣٢٧ و ٥ / ٤٩٨ (٢) تفسير القرطبي ١٣ / 63 والطبري 19 / 17
(٥٠١)
مفاتيح البحث: الخوف (1)، الموت (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»
الفهرست