التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٩٦
أي جعل نومكم ممتدا طويلا تكثر به راحتكم وهدوؤكم. وقيل: انه أراد جعله قاطعا للأعمال التي يتصرف فيها. والسبات قطع العمل، ومنه سبت رأسه يسبته سبتا إذا حلقه، ومنه يوم السبت، وهو يوم ينقطع فيه العمل. قال المبرد: يعني سباتا سكوتا يقال: أسبت الرجل إذا اخذته سكتة.
وقوله " وجعل النهار نشورا " أي للانبساط والتصرف في الحوائج. والنشور الانبساط في تصرف الحي، يقال: نشر الميت إذا حيي وانشره الله فنشر، قال الأعشى:
حتى يقول الله مما رأوا * يا عجبا للميت الناشر (1) ثم قال " وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته " وفى الرحمة تجمع الرياح، لأنه جمع الجنوب والشمال والصبا. وفي العذاب (ريح) لأنها هي الدبور وحدها وهي عقيم، لا تلقح، فكل الرياح لواقح غيرها. والرحمة التي ينزلها من السماء هي الغيث، وذكر انه قد يرسل الرياح لينشئ السحاب. ثم ينزل " من السماء ماء طهورا " أي طاهرا مطهرا مزيلا للاحداث والنجاسات مع طهارته في نفسه.
وإنما نزل هذا الماء " ليحيي به بلدة ميتا " قد مات بالجدب. قال أبو عبيدة: زعم بعضهم انه أراد إذا لم يكن فيها نبات، فهو بغير (هاء) وإذا كانت حية روحانية فماتت، فهي ميتة. وقال غيره: أراد بالبلدة المكان، فلذلك قال ميتا بالتذكير، ومعنى نسقيه نجعله سقيا للانعام التي خلقها الله تعالى.
وقوله " وأناسي كثيرا " جمع إنسان الياء جعلت عوضا من النون، وقد قالوا: (أناسين) نحو بستان وبساتين. ويجوز أن يكون (أنسي) نحو كرسي وكراسي. وقد قالوا: أناسية كثيرة.

(1) ديوانه (دار بيروت) 93 وقد مر في 4 / 460
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»
الفهرست