ثم وصف المؤمنين بأنهم يدعون " يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين " ومعناه بأن نراهم مطيعين لله، في قول الحسن. و " قرة أعين " يكون من القر، وهو بردها عند السرور، ويكون من استقرارها عنده.
وقوله " واجعلنا للمتقين إماما " أي يسألون الله تعالى أن يجعلهم ممن يقتدى بأفعالهم الطاعات. وفي قراءة أهل البيت (ع) و " اجعل لنا من المتقين إماما " وإنما وحد (إماما) لأنه مصدر، من قولهم: أم فلان فلانا إماما، كقولهم: قام قياما وصام صياما. ومن جمعه فقال: (أئمة) فلانه قد كثر في معنى الصفة. وقيل:
إنه يجوز أن يكون على الجواب، كقول القائل: من أميركم؟ فيقول: هؤلاء أميرنا قال الشاعر:
يا عاذلاتي لا تردن ملامتي * إن العواذل ليس لي بأمير (1) ثم اخبر تعالى عمن جمع هذه الأوصاف من المؤمنين بأن قال " أولئك يجزون الغرفة بما صبروا " على طاعاتهم التي ذكرها. و (الغرفة) في الجنة المنازل العالية ثوابا على ما صبروا في جنب الله، وعلى مشاق الدنيا. وصعوبة التكليف، وغير ذلك وانهم " يلقون فيها تحية وسلاما " من الملائكة، بشارة لهم بعظيم الثواب.
وقوله " خالدين فيها " نصب على الحال أي هم في الجنة مؤبدين، لا يخرجون منها ولا يفنون. وأخبر أن الجنة مستقرهم، وانها " حسنت مستقرا " من مواضع القرار، وموضع الإقامة ونصب على التمييز.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " قل " يا محمد لهؤلاء " ما يعبؤ بكم ربي " ومعناه ما يصنع بكم ربي - في قول مجاهد وابن زيد - واصله تهيئة الشئ، ومنه عبأت الطيب أعبؤه عباء، إذا هيأته، قال الشاعر: