التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٥٠٤
الكواكب بروجا لظهورها.
وقوله (وجعل فيها سراجا) يعني الشمس التي يستضئ بها جميع الخلق.
وقوله (وقمرا منيرا) أي مضيئا بالليل، إذا لم يكن شمس.
فمن قرأ (سراجا) أراد الشمس وحدها. ومن قرأ (سراجا) أراد جميع النجوم، لأنه يهتدى بها، كما يهتدى بضوء السراج.
وقوله (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) أي يخلف كل واحد منهما صاحبه، فيما يحتاج أن يعمل فيه، فمن فاته الليل استدركه بالنهار، ومن فاته عمل النهار استدركه بالليل. قال عمر بن الخطاب، وابن عباس، والحسن: يخلف أحدهما الآخر في العمل. وقال مجاهد: معناه أحدهما اسود الآخر ابيض، فهما مختلفتان. وقال أبو زيد: معناه أحدهما يذهب ويجئ الآخر قال زهير:
بها العين والأرآم يمشين خلفة * واطلاؤها ينهضن من كل مجثم (1) وقوله (لمن أراد أن يذكر) أي خلقناه كذلك لمن أراد ان يتفكر ويستدل بها على أن لها مدبرا ومصرفا، لا يشبهها ولا تشبهه فيوجه العبادة إليه.
وقوله (أو أراد شكورا) أي يشكر الله، على ما أنعم به عليه فيتمكن من ذلك، لان بهذه الأدلة وأمثالها يتوصل إلى ما قلناه.
وقوله (وعباد الرحمن) يعني عباده المخلصين، الذين يعبدونه، المعظمون ربهم (الذين يمشون على الأرض هونا) يعني بالسكينة والوقار - في قول مجاهد - وقال الحسن: معناه حلما وعلما، لا يجهلون وإن جهل عليهم. وقال ابن عباس:
بالتواضع لا يتكبرون على أحد (وإذا خاطبهم الجاهلون) بما يكرهونه أو يثقل عليهم، قالوا في جوابه (سلاما) أي سدادا من القول - ذكره مجاهد - وقيل:

(1) ديوانه " دار بيروت " 75
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»
الفهرست