التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٠
رحمة من عندنا وذكرى للعابدين (84) وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين) (85) خمس آيات بلا خلاف.
يقول الله تعالى وسخرنا " لسليمان الريح عاصفة " من رفع (الريح) وهو عبد الرحمن الأعرج: أضاف الريح إلى سليمان إضافة الملك، كأنه قال له الريح.
و " عاصفة " نصب على الحال في القراءتين، والريح هو الجو، يشتد تارة ويضعف أخرى. وحد الرماني الريح بأن قال: هو جسم منتشر لطيف، يمتنع بلطفه من القبض عليه ويظهر للحس بحركته. وقولهم: سكنت الريح مثل قولهم: هبت الريح، وإلا فإنها لا تكون ريحا إلا بالحركة. ويقولون: أسرع فلان في الحاجة كالريح، وراح فلان إلى منزله.
و (العصوف) شدة حركة الريح، وعصفت تعصف عصفا وعصفة، وعصف عصفا وعصوفا إذا اشتد، والعصف التبن، لان الريح تعصفه بتطييرها. وقيل: عصوف الريح شدة هبوبها. وذكران الريح كانت تجري لسليمان إلى حيث شاء، فذلك هو التسخير " تجري بأمره " يعني بأمر سليمان " إلى الأرض التي باركنا فيها " يعني الشام، لأنها كانت مأواه، فأي مكان شاء مضى إليه، وعاد إليها بالعشي.
وقوله " وكنا بكل شئ عالمين " معناه علمنا معه على ما يعلمه من صحة التدبير، فان ما أعطيناه من التسخير يدعوه إلى الخضوع له. ويدعو طالب الحق إلى الاستبصار في ذلك، فكان لطفا يجب فعله.
وقوله " ومن الشياطين من يغوصون له " أي وسخرنا لسليمان قوما من الشياطين يغوصون له في البحر " ويعملون عملا دون ذلك " قال الزجاج: معناه سوى ذلك " وكنا لهم حافظين " أي يحفظهم الله من الافساد لما عملوه. وقيل:
كان حفظهم لئلا يهربوا من العمل. وقال الجبائي: كشف الله تعالى أجسام الجن حتى
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست