ولا لقول أبي عبيدة حاكيا عن أبي عمرو: ان النون مدغمة، لأنها لا تدغم في الجيم.
وقال الزجاج: هذا لحن، ولا وجه لمن تأوله: نجى النجا المؤمنين، كما لا يجوز ضرب زيدا بمعنى ضرب الضرب زيدا. وقال الفراء: هو لحن. وقال قوم - محتجين لأبي بكر - انه أراد فعلا ماضيا، على ما لم يسم فاعله، فأسكن الياء، كما قرأ الحسن " وذروا ما بقي من الربا " (1) أقام المصدر مقام المفعول الذي لا يذكر فاعله، فكذلك نجى النجا المؤمنين، واحتجوا بأن أبا جعفر قرأ " لنجزى قوما " (2) في الجاثية على تقدير لنجزي الجراء قوما قال الشاعر.
ولو ولدت قفيرة جر وكلب * لسب بذلك الجر والكلابا (3) ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله واذكر " زكريا إذ نادى ربه " أي دعاه، فقال يا " رب لا تذرني فردا " أي وحيدا، بل ارزقني ولدا. ثم قال " وأنت خير الوارثين " ومعناه أنت خير من يرث العباد من الأهل والولد، فقال الله تعالى إنا استجبنا دعاءه " وهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه " قال قتادة: إنها كانت عقيما فجعلها الله ولودا. وقيل: كانت سيئة الخلق، فرزقها الله حسن الخلق. ثم اخبر " انهم كانوا يسارعون في الخيرات " أي يبادرون في فعل الطاعات " ويدعون " الله " رغبة " في ثوابه " ورهبة " من عقابه " وكانوا " لله " خاشعين " متواضعين.
وقال الجبائي: إجابة الدعاء لا تكون إلا ثوابا. وقال ابن الاخشاذ: يجوز أن تكون استصلاحا لا ثوابا، ولذلك لا يمتنع أن يجيب الله دعاء الكافر والفاسق. فأما قولهم:
فلان مجاب الدعوة، فلا يجوز اطلاقه على الكفار والفساق، لان فيه تعظيما وأن له منزلة جليلة عند الله. والامر بخلاف ذلك.