التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٦٨
يجوز أن يعملوا بالظن؟! والأمة لا طريق لها إلى العلم بالأحكام فجاز ان يكلفوا ما طريقه الظن؟! على أن عندنا لا يجوز في الأمة أيضا العمل على الاجتهاد. وقد بينا ذلك في غير موضع. ومن قال: انهما اجتهدا، قال أخطأ داود وأصاب سليمان.
وذكروا في قوله " إذ يحكمان " ثلاثة أوجه:
أحدها - إذ شرعا في الحكم فيه من غير قطع به في ابتداء الشرع.
وثانيها - أن يكون حكمه حكما معلقا بشرط لم يفعله بعد.
وثالثها - أن يكون معناه طلبا بحكم في الحرث، ولم يبتديا به بعد. ويقوي ما قلناه قوله تعالى " ففهمناها سليمان " يعني علمنا الحكومة في ذلك سليمان. وقيل:
ان الله تعالى " فهم سليمان " قيمة ما أفسدت الغنم.
ثم أخبر تعالى بأنه آتى كلا حكما وعلما، فدل على أن ما حكم به داود كان بوحي الله، وتعليمه. وقيل: معنى قوله " ففهمناها سليمان " أي فتحنا له طريق الحكومة، لما اجتهد في طلب الحق فيها، من غير عيب على داود فيما كان منه في ذلك، لأنه اجتهد، فحكم بما أدى اجتهاده إليه.
وقوله " وسخرنا مع داود الجبال " معناه سير الله تعالى الجبال مع داود حيث سار، فعبر عن ذلك بالتسبيح، لما فيها من الآية العظيمة التي تدعو له بتعظيم الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق به، ولا يجوز وصفه به. وكذلك سخر له الطير، وعبر عن ذلك التسخير بأنه تسبيح من الطير، لدلالته على أن من سخرها قادر لا يجوز عليه العجز، كما يجوز على العباد.
وقوله " وكنا فاعلين " أي وكنا قادرين على ما نريده. وقال الجبائي: أكمل الله تعالى عقول الطير حتى فهمت ما كان سليمان يأمرها به وينهاها عنه، وما يتوعدها به متى خالفت.
(٢٦٨)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، الجواز (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست