التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٦
النبوة. وقوله (من قبل) يعني من قبل موسى وهارون. وقوله (وكنا به عالمين) أي كنا عالمين بأنه موضع لايتاء الرشد، كما قال تعالى (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) (1) وقيل: كنا نعلم أنه يصلح للنبوة (إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون). (إذ) في موضع نصب، والعامل فيه (آتيناه رشده...
إذ قال) أي في ذلك الوقت، وفيه إخبار عما أنكر إبراهيم على قومه وأبيه حين رآهم يعبدون الأصنام والأوثان، فإنه قال لهم: أي شئ هذه الأصنام؟! يعني الصور التي صرتم لازمين لها بالعبادة، والعكوف اللزوم لامر من الأمور: عكف عليه عكوفا، فهو عاكف. وقيل في معنى (لها عاكفون) لأجلها. قال مجاهد (هذه التماثيل) الأصنام. ثم حكى ما أجابه به قومه، فإنهم قالوا " وجدنا آباءنا لها " لهذه الأصنام " عابدين " فأحالوا على مجرد التقليد. فقال لهم إبراهيم " لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين " فذمهم على تقليد الآباء، ونسب الجميع إلى الضلالة والعدول عن الحق. فقالوا له عند ذلك " أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين " ومعناه أجاد أنت فيما تقول محق عند نفسك أم أنت لاعب مازح؟ وذلك أنهم كانوا يستبعدون إنكار عبادتها عليهم.
قوله تعالى: (قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين (56) وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين (57) فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون (58) قالوا من فعل بآلهتنا إنه لمن الظالمين (59)

(1) سورة 44 الدخان آية 32
(٢٥٦)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست